Home - أسباب النزول



أسباب نزول آيات سورة ( النساء ) (للواحدي)

{ ٱلَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ ٱلنَّاسَ بِٱلْبُخْلِ وَيَكْتُمُونَ مَآ آتَاهُمُ ٱللَّهُ مِن فَضْلِهِ وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَاباً مُّهِيناً }
قوله تعالى: {ٱلَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ ٱلنَّاسَ بِٱلْبُخْلِ} [37].
قال أكثر المفسرين: نزلت في اليهود [حين] كتموا صفة محمد صلى الله عليه وسلم، ولم يبينوها للناس، وهم يجدونها مكتوبة عندهم في كتبهم.
وقال الكلبي: هم اليهود، بخلوا أن يصدقوا من أتاهم بصفة محمد صلى الله عليه وسلم، ونعته في كتابهم.
وقال مجاهد: الآيات الثلاث إلى قوله: {عَلِيماً} نزلت في اليهود.
وقال ابن عباس، وابن زيد: نزلت في جماعة من اليهود، كانوا يأتون رجالاً من الأنصار يخالطونهم وينصحونهم ويقولون لهم: لا تنفقوا أموالكم فإنا نخشى عليكم الفقر، فأنزل الله تعالى: {ٱلَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ ٱلنَّاسَ بِٱلْبُخْلِ}.

{ يَا أَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَقْرَبُواْ ٱلصَّلَٰوةَ وَأَنْتُمْ سُكَٰرَىٰ حَتَّىٰ تَعْلَمُواْ مَا تَقُولُونَ وَلاَ جُنُباً إِلاَّ عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّىٰ تَغْتَسِلُواْ وَإِنْ كُنْتُمْ مَّرْضَىٰ أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ أَوْ جَآءَ أَحَدٌ مِّنْكُمْ مِّن ٱلْغَآئِطِ أَوْ لَٰمَسْتُمُ ٱلنِّسَآءَ فَلَمْ تَجِدُواْ مَآءً فَتَيَمَّمُواْ صَعِيداً طَيِّباً فَٱمْسَحُواْ بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَفُوّاً غَفُوراً }
قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَقْرَبُواْ ٱلصَّلاَةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَىٰ...} الآية. [43].
نزلت في أناس من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، كانوا يشربون الخمر ويحضرون الصلاة وهم نَشَاوَى، فلا يدرون كم يصلون ولا ما يقولون في صلاتهم.
أخبرنا أبو بكر الأصفهاني، قال: أخبرنا أبو الشيخ الحافظ، قال: حدَّثنا أبو يحيى، قال: حدَّثنا سهل بن عثمان، قال: حدَّثنا أبو عبد الرحمن الأَفْرِيقي قال: حدَّثنا عطاء، عن أبي عبد الرحمن، قال:
صنع عبد الرحمن بن عوف طعاماً، ودعا أناساً من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فطعموا وشربوا، وحضرت صلاة المغرب فتقدم بعض القوم فصلى بهم المغرب فقرأ {قُلْ يٰأَيُّهَا ٱلْكَافِرُونَ} فلم يُقمْها، فأنزل الله تعالى: {يَا أَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَقْرَبُواْ ٱلصَّلاَةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَىٰ حَتَّىٰ تَعْلَمُواْ مَا تَقُولُونَ}.
قوله تعالى: {... فَلَمْ تَجِدُواْ مَآءً فَتَيَمَّمُواْ صَعِيداً طَيِّباً}. [43].
أخبرنا أبو عبد الله بن أبي إسحاق، قال: حدَّثنا أبو عمرو بن مطر، قال: حدَّثنا إبراهيم بن علي الذُّهْلِي، قال: حدَّثنا يحيى بن يحيى، قال: قرأت على مالك بن أنس، عن عبد الرحمن بن القاسم، عن أبيه، عن عائشة، أنها قالت:
خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، في بعض أسفاره، حتى إذا كنا بالبَيْدَاء أوبِذَاتِ الجَيْش، انقطع عقد لي فأقام رسول الله صلى الله عليه وسلم، على التماسه، وأقام الناس معه، وليسو على ماء وليس معهم ماء، فأتى الناس إلى أبي بكر، فقالوا: ألا ترى ما صنعت عائشة؟ أقامت برسول الله صلى الله عليه وسلم وبالناس معه [وليسوا على ماء] وليس معهم ماء. فجاء أبو بكر ورسول الله صلى الله عليه وسلم، واضعٌ رأسه على فخذي قد نام، فقال: أَحَبَسْتِ رسولَ الله والناس معه وليسوا على ماء وليس معهم ماء؟ قالت: فعاتبني أبو بكر وقال ما شاء الله أن يقول وجعل يطعن بيده في خاصرتي، فلا يمنعني من التحرك إلا مكان رسول الله صلى الله عليه وسلم على فخذي، فنام رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أصبح على غير ماء، فأنزل الله تعالى آية التيمم فتيمموا، فقال أسيد بن حضير- وهو أحد النقباء -: ما هي بأول بركتكم يا آل أبي بكر. قالت عائشة: فبعثنا البعير الذي كنت عليه فوجدنا العقد تحته. رواه البخاري عن إسماعيل بن أبي أويس، ورواه مسلم عن يحيى بن يحيى: كلاهما عن مالك.
أخبرنا أبو محمد الفارسي، قال: أخبرنا محمد بن عبد الله بن الفضل، قال: أخبرنا أحمد بن محمد بن الحسن الحافظ، قال: حدَّثنا محمد بن يحيى، قال: حدَّثنا يعقوب بن إبراهيم بن سعد، قال: حدَّثنا أبي، عن أبي صالح، عن ابن شهاب، قال: حدَّثني عبيد الله بن عبد الله بن عُتْبَة، عن ابن عباس، عن عَمّار بن يَاسِر، قال:
عرّس رسول الله صلى الله عليه وسلم بذات الجيش، ومعه عائشة زوجته، فانقطع عقد لها من جذع ظَفَار فحبس الناس ابتغاء عقدها ذلك حتى أضاء الفجر، وليس مع الناس ماء [فتغيّظ عليها أبو بكر وقالت: حبست الناس]. فأ،زل الله تعالى على رسوله صلى الله عليه وسلم قصة التطهُّر بالصَّعيد الطَّيب، فقام المسلمون فضربوا بأيديهم الأرض ثم رفعوا أيديهم، فلم يقبضوا من التراب شيئاً، فمسحوا بها وجوههم وأيديهم إلى المناكب، وبطون أيديهم إلى الآباط.
قال الزهري: وبلغنا أن ابا بكر قال لعائشة: والله إنك ما علمتُ لمباركة.

{ أَلَمْ تَرَ إِلَى ٱلَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنْفُسَهُمْ بَلِ ٱللَّهُ يُزَكِّي مَن يَشَآءُ وَلاَ يُظْلَمُونَ فَتِيلاً }
قوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى ٱلَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنْفُسَهُمْ...} الآية [49].
قال الكلبي: نزلت في رجال من اليهود أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم بأطفالهم، وقالوا: يا محمد هل على أولادنا هؤلاء من ذنب؟ قال: لا، فقالوا: والذي نحلف به، ما نحن إلا كهيئتهم، ما من ذنب نعمله بالنهار إلا كُفِّرَ عنا بالليل، وما من ذنب نعمله بالليل إلا كُفِّر عنا بالنهار. فهذا الذي زكوا به أنفسهم.

السابق  التالي
10  مزيد