قوله عز وجل: { حم } قد مضى تأويله. { تنزيل من الرحمن الرحيم. كتاب } يحتمل وجهين: أحدهما: أنه على التقديم والتأخير فيكون تقديره حم تنزيل الكتاب من الرحمن الرحيم. الثاني: أن يكون فيه مضمر محذوف تقديره تنزيل القرآن من الرحمن الرحيم. ثم وصفه فقال { كتابٌ فصلت آياتُه } وفي تفصيل آياته خمسة تأويلات: أحدها: فسّرت، قاله مجاهد. الثاني: فصلت بالوعد والوعيد، قاله الحسن. الثالث: فصلت بالثواب والعقاب، قاله سفيان. الرابع: فصلت ببيان حلاله من حرامه وطاعته من معصيته، قاله قتادة. الخامس: فصلت من ذكر محمد صلى الله عليه وسلم، فحكم فيما بينه وبين من خالفه، قال عبد الرحمن بن زيد. { قرآناً عربياً لقوم يعلمون } فيه ثلاثة أوجه: أحدها: يعلمون انه إله واحد في التوراة والإنجيل، قاله مجاهد. الثاني: أن القرآن من عند الله نزل، قاله الضحاك. الثالث: يعلمون العربية فيعجزون عن مثله. قوله عز وجل: { وقالوا قلوبنا في أكنّة ما تدعونا إليه } فيه وجهان: أحدهما: أغطية، قاله السدي. الثاني: كالجعبة للنبل، قاله مجاهد. { وفي آذاننا وقر } أي صمم وهما في اللغة يفترقان فالوقر ثقل السمع والصمم ذهاب جميعه. { ومن بيننا وبينك حجاب } فيه أربعة أوجه: أحدها: يعني ستراً مانعاً عن الإجابة، قاله ابن زياد. الثاني: فرقة في الأديان، قاله الفراء. الثالث: أنه تمثيل بالحجاب ليؤيسوه من الإجابة، قاله ابن عيسى. الرابع: أن أبا جهل استغشى على رأسه ثوباً وقال: يا محمد بيننا وبينك حجاب، استهزاء منه، حكاه النقاش. { فاعمل إننا عامِلون } فيه ثلاثة أوجه: أحدها: فاعمل بما تَعْلَم من دينك فإنا نعمل بما نعلم من ديننا، قاله الفراء. الثاني: فاعمل في هلاكنا فإنَّا نعمل في هلاكك، قاله الكلبي. الثالث: فاعمل لإلهك الذي أرسلك فإنا نعمل لآلهتنا التي نعبدها، قاله مقاتل. ويحتمل رابعاً: فاعمل لآخرتك فإنا نعمل لدنيانا.