الرئيسية - التفاسير


* تفسير الدر المصون/السمين الحلبي (ت 756 هـ) مصنف و مدقق


{ عَمَّ يَتَسَآءَلُونَ }

قوله: { عَمَّ }: قد تقدَّم أن البزيَّ يُدخل هاءَ السكتِ عوضاً من ألف " ما " الاستفهاميةِ في الوقف. ونُقِلَ عن ابن كثير أنه يَقرأ " عَمَّه " بالهاء وَصْلاً، أجرى الوصل مُجرى الوقف. وقرأ عبد الله وأُبَيّ وعكرمة " عَمَّا " بإثبات الألفِ. وقد تقدَّم أنه يجوزُ ضرورةً أو في قليلٍ من الكلام. ومنه:
4464ـ على ما قامَ يَشْتِمُني لَئيمٌ   كخِنْزيرٍ تَمَرَّغَ في رَمادِ
/ وتقدم أنَّ الزمخشريَّ جَعَلَ منهبِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي } في يس [الآية: 27]. و " عَمَّ " فيه قولان، أحدُهما: ـ وهو الظاهرُ ـ أنَّه متعلِّقٌ بـ " يتساءلون " هذا الظاهرِ. قال أبو إسحاق: " الكلامُ تامٌّ في قوله: " عَمَّ يتساءلون " ، ثم كان مقتضى القول أن يُجيبَ مُجيبٌ، فيقولَ: يتساءلون عن النبأ العظيم، فاقتضى إيجازُ القرآنِ وبلاغتُه أَنْ يبادِرَ المحتَجُّ بالجوابِ التذي تقتضيه الحالُ والمحاورةُ اقتضاباً للحُجَّة، وإسراعاً إلى مَوْضِعِ قَطْعِهم ". والثاني: أنَّه متعلِّقٌ بفعلٍ مقدرٍ ويتعلَّقُ { عَنِ ٱلنَّبَإِ ٱلْعَظِيمِ } بهذا الفعلِ الظاهرِ. قال الزمخشري: " وعن ابن كثيرٍ أنه قرأ " عَمَّهْ " بهاءِ السَّكْتِ. ولا يَخْلو: إمَّا أَنْ يجريَ الوصلُ مَجْرى الوقفِ، وإمَّا أَنْ يقفَ ويَبْتَدِىءَ { يَتَسَآءَلُونَ عَنِ ٱلنَّبَإِ ٱلْعَظِيمِ } على أَنْ يُضْمَرَ " يتساءلون "؛ لأنَّ ما بعده يُفَسِّرُه كشيءٍ يُبْهَمُ ثم يُفَسَّرُ ".