الرئيسية - التفاسير


* تفسير لطائف الإشارات / القشيري (ت 465 هـ) مصنف و مدقق


{ ٱلرَّحْمَـٰنُ } * { عَلَّمَ ٱلْقُرْآنَ }

أي الرحمن الذي عَرَفَه الموحِّدون وجَحَدَه الكافرون هو الذي علَّم القرآن. ويقال: الرحمن الذي رحمهم، وعن الشِّرك عَصَمَهم، وبالإيمان أكرمهم، وكلمةَ التقوى ألزمهم - هو الذي عرَّفهم بالقرآن وعلَّمهم.

ويقال: انفرد الحقُّ بتعليم القرآن لعِباده.

ويقال: أجرى اللَّهُ سُنَّتَه أنه إذا أعطى نبينا صلى الله عليه وسلم شيئاً أَشْرَكَ أُمتَّه فيه على ما يليق بصفاتهم؛ فلمَّا قال له (صلى الله عليه وسلم):وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ } [النساء: 113].

قال لأمته: { ٱلرَّحْمَـٰنُ عَلَّمَ ٱلْقُرْآنَ }.

ويقال: علَّم الله آدمَ الأسماءَ كلَّها ثم أمره بِعَرْضها على الملائكة وذكر آدمُ ذلك لهم - قال تعالى:أَنْبِئُونِي بِأَسْمَآءِ هَـٰؤُلاۤءِ } [البقرة: 31] يا آدم، وعلَّمَ (نبيُّنا صلى الله عليه وسلم) المسلمين القرآنَ فقال صلى الله عليه وسلم: " لا صلاة إلا بفاتحة الكتاب، والمُصَلِّي مُناجٍ ربه " قال لآدم: أُذْكُرْ ما علَّمْتُكَ للملائكة. وقال لنا: ناجِنِي يا عبدي بما عَلَّمْتُك. وقد يُلاطَفُ مع أولاد الخَدم بما لا يُلاطَفُ به آباؤهم.

ويقال: لمَّا علَّم آدمَ أسماء المخلوقاتِ قال له: أَخْبِرْ الملائكة بذلك، وعلَّمَنَا كلامَه وأسماءَه فقال: اقْرَأوا عليَّ وخاطِبوا به معي.

ويقال: علَّم الأرواحَ القرآن - قَبْلَ تركيبها في الأجساد بلا واسطة، والصبيانُ إنما يُعَلَّمُونَ القرآن - في حالِ صِغَرِهم - قبل أَنْ عَرَفَتْ أرواحُنا أحداً، أو سَمِعْنا من أحدٍ شيئاً..علَّمَنَا أسماءَه:
أتاني هواها قبل أن أعرف الهوى   فصادَفَ قلبي فارغاً فَتَمَكَّنا
ويقال: سقياً لأيامٍ مضت - وهو يُعلِّمنا القرآن.

ويقال: برحمته علّمَهم القرآن؛ فبرحمته وصلوا إلى القرآن - لا بقراءة القرآن يَصِلُون إلى رحمته.