جاء في القصة: أن النبي صلى الله عليه وسلم حَرَّم على نفسه مارية القبطية، وفي الحال حَلَفَ ألاَّ يطأَها شهراً مراعاةً لقلب حفصة حيث رأت النبي صلى الله عليه وسلم معها في يومها. وقيل: حَرَّمَ على نَفْسِه شرْبَ العسل لمَّا قالت له زوجاته، إِنَّا نشم منك ريح المغافير! - والمغافير صمغ في البادية كريه الرائحة، ويقال: بقلة كريهة الرائحة... فعاتَبَه اللَّهُ على ذلك. وهي صغيرةٌ منه على مذهب مَنْ جَوَّزَ الصغائر عليه، وتَرْكٌ للأُوْلَى على مذهب مَنْ لم يجوِّز. وقيل: إنه طَلَّقَ حفصة طلقةً واحدة، فأمره الله بمراجعتها، وقال له جبريل: إنها صوَّامَةٌ قوَّامَة. وقيل: لم يطلقها ولكن هَمَّ بتطليقها فَمَنَعه اللَّهُ عن ذلك. وقيل: لمَّا رأته حفصة مع مارية في يومها قال لها: إنِّي مُسِرٌّ إليك سِرّاً فلا تخبري أحداً: إنَّ هذا الأمر يكون بعدي لأبي بكر ولأبيك. ولكن حفصة ذكرت هذا لعائشة، وأوحى الله له بذلك، فسأل النبيُّ حفصة: لِمَ أخبرتِ عائشة بما قلت؟ فقالت به: ومَنْ أخبرك بذلك؟ قال أخبرني الله، وعَرَّفَ حفصةَ بعضَ ما قالت، ولم يصرِّحْ لها بجميع ما قالت، قال تعالى: { عَرَّفَ بَعْضَهُ وَأَعْرَضَ عَن بَعْضٍ } ، فعاتبها على بعضٍ وأعرْضَ عن بعض - على عادة الكِرام. ويقال: إن النبي - صلى الله عليه وسلم - لمَّا نزلت هذه الآية كان كثيراً ما يقول: " اللهم إني أعوذ بك من كل قاطعِ يقطعني عنك ". وظاهرُ هذا الخطاب عتاب على أنَّه مراعاةً لقلب امرأته حَرَّمَ على نفسه ما أحلَّ اللَّهُ له. والإشارةُ فيه: وجوبُ تقديم حقِّ الله - سبحانه - على كل شيء في كل وقت.