الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير بيان السعادة في مقامات العبادة/ الجنابذي (ت القرن 14 هـ) مصنف و مدقق


{ سَبَّحَ للَّهِ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَهُوَ ٱلْعَزِيزُ ٱلْحَكِيمُ }

{ سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضِ } قد مضى فى سورة بنى اسرائيل بيان تسبيح الاشياء عند قوله:وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ } [الإسراء: 44]، ومضى مكرّراً انّ المقصود من التّسبيح من اىّ شيءٍ كان هو تنزيه لطيفته الالهيّة ووجهته الرّبّانيّة من نقائص المادّة وحدودها فانّ كلّ موجودٍ ممّا له قوّة واستعداد بفطرة ذاته يخرج من القوّة الى الفعليّة، ومن النّقص الى الكمال، ومن الحدود الى الاطلاق بالاضافة الى مراتبه النّاقصة، وهذا الخروج هو تسبيحه الفعلىّ ولمّا كان تلك الوجهة الالهيّة بوجه ربّه وبوجه اسم ربّه وبوجه مظهر الله وبوجه شيئيّة ذلك الشّيء وذاته كان المقصود من التّسبيح سواء علّق على الله او على الرّبّ او على اسم الرّبّ هو تنزيه تلك اللّطيفة، واللاّم فى الله زائدة للتّقوية، والله مفعول به لسبّح او للتّعليل، ومفعوله محذوف، ولفظ سبّح مأخوذ من سبحان الله بطريق المشتقّات الجعليّة اى قال سبحان الله، او هو من التّسبيح بمعنى نزّه الله، والاختلاف بالمضىّ والمضارعة فى تلك السّور للاشعار بانّ التّسبيح فطرىّ للاشياء غير مقيّدٍ بزمانٍ دون زمانٍ ولتجديد نشاط السّامع والتّفنّن فى العبارة، والاتيان بالمصدر فى بنى اسرائيل للاشعار بانّه تعالى منزّه فى ذاته سبّحه مسبّحٌ ام لم يسبّحه { وَهُوَ ٱلْعَزِيزُ } الغالب الّذى غلبته تقتضى تسبيح كلّ شيءٍ فانّ الغالب يتوجّه كلّ شيءٍ اليه ويعظّمه وينزّهه من كلّ نقصٍ { ٱلْحَكِيمُ } الّذى اتقن صنع كلّ شيءٍ بحيث لا يوجد شيءٌ الاّ وهو مسبّح له ولاتقان صنعه لا يشعر احدٌ بتسبيح شيءٍ من الاشياء ولو اشعر هلك او جنّ ما لم ينفتح سمعه الملكوتىّ.