الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير بيان السعادة في مقامات العبادة/ الجنابذي (ت القرن 14 هـ) مصنف و مدقق


{ نۤ وَٱلْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ }

{ نۤ } روى عن الصّادق (ع) وامّا نۤ فهو نهرٌ فى الجنّة قال الله عزّ وجلّ: اجمد، فجمد، فصار مداداً ثمّ قال عزّ وجلّ للقلم: اكتب، فسطر القلم فى اللّوح المحفوظ ما كان وما هو كائن الى يوم القيامة فالمداد مداد من نورٍ والقلم قلمٌ من نورٍ، واللّوح لوحٌ من نورٍ، وبهذا المعنى مع اختلافٍ فى اللّفظ اخبارٌ كثيرةٌ، وقيل: المراد به الحوت الّذى عليه الارضون، وقيل: هو لوحٌ من نورٍ، وقيل: هو الدّواة، وقيل: هو مطلق الحوت فى البحر، وقيل: هو من اسماء السّورة، وقيل: هو من حروف اسم الرّحمن، وقيل: هو من أسماء محمّدٍ (ص) ولعلّك بعد ما سبق فى اوّل البقرة يسهل عليك التّوفيق بين هذه الاقوال؛ وتعلم انّ نۤ كناية عن مرتبةٍ من مراتب العالم وانّ محمّداً (ص) متّحد مع جميع مراتب العالم وانّ مراتب العالم مراتب سعة وجود الله تعالى، وانّ السّورة ظهور لتلك المرتبة { وَٱلْقَلَمِ } قيل: المراد به مطلق القلم، اقسم الله به لكثرة منافع الخلق به، اذ هو احد لسانى الانسان بل هو اشرف لسانيه لانّ لسانه لا يبلّغ ما فى جنانه الى من بعد منه زماناً او مكاناً، والقلم يبلّغ ما فى جنان الانسان الى الاباعد منه، والكلام يفنى من حينه ولو بقى اثره فى قلب السّامع لم يبق فى الاغلب الى آخر عمره، ولو بقى لم يبق بعده بخلاف كتاب القلم كما قيل: انّ البيان بيانان، بيان اللّسان وبيان البنان، وبيان اللّسان تدرسه الاعوام، وبيان الاقلام باقٍ على مرّ الايّام، وبالقلم يحفظ احكام الاديان وبه يستقيم امور العالمين كما قيل: انّ قوام الدّنيا بشيئين، القلم والسّيف، والسّيف تحت القلم، وقد قيل:
ان يخدم القلَم السّيفُ الّذى خضعت   له الرّقاب ودانت حذره الاممُ
كذا قضى الله للاقلام مذ برئت   انّ السّيوف لها مذ اُرهفت خدمٌ
وروى انّ المراد به القلم الاعلى الّذى سطر ما كان وما هو كائن وهو ملك من الملائكة { وَمَا يَسْطُرُونَ } اقسم بالمسطورات او بالملائكة الّذين يسطرون ما كان وما هو كائنٌ او الملائكة الّذين يسطرون احوال الارضيين، او كُتّاب الاعمال الّذين يسطرون اعمال بنى آدم، او النّاس الّذين يسطرون الكتب السّماويّة والاحكام الالهيّة والشّرائع الحقّة والفنون والصّناعات المعاشيّة والدّيون والمعاملات والمحاسبات الخلقيّة.