الرئيسية - التفاسير


* تفسير التبيان الجامع لعلوم القرآن/ الطوسي (ت 460 هـ) مصنف و مدقق


{ يَسْأَلُونَكَ عَنِ ٱلأَنْفَالِ قُلِ ٱلأَنفَالُ لِلَّهِ وَٱلرَّسُولِ فَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَأَصْلِحُواْ ذَاتَ بِيْنِكُمْ وَأَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ }

اختلف المفسرون في معنى الأنفال - ها هنا - فقال بعضهم: هي الغنائم التي غنمها النبي صلى الله عليه وآله يوم بدر، فسألوه لمن هي؟ فأمر الله تعالى نبيه أن يقول لهم: هي لله ولرسوله - ذهب اليه عكرمة ومجاهد والضحاك وابن عباس وقتادة وابن زيد - وقال قوم: هي أنفال السرايا - ذهب اليه علي بن صالح بن يحيى - وقال قوم: وهو ما شذ من المشركين إلى المسلمين من عبد او جارية من غير قتال او ما اشبه ذلك - عن عطا - وقال: هو للنبي صلى الله عليه وآله خاصة يعمل به ما يشاء.

وروي عن ابن عباس - في رواية اخرى - انه ما سقط من المتاع بعد قسمة الغنائم من الفرس والدرع والرمح. وفي رواية اخرى - أنه سلب الرجل وفرسه ينفل النبي صلى الله عليه وآله من شاء.

وقال قوم: هو الخمس، روي ذلك مجاهد، قال: قال المهاجرون: لم يرفع منا هذا الخمس ويخرج منا؟ فقال الله: هو لله والرسول.

وروي عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهما السلام (أن الانفال كل ما اخذ من دار الحرب بغير قتال إذا انجلى عنها أهلها). ويسميه الفقهاء فيئاً، وميراث من لا وارث له، وقطائع الملوك إذا كانت في أيديهم من غير غصب، والآجام وبطون الأودية والموات وغير ذلك مما ذكرناه في كتب الفقه. وقالا: هو لله وللرسول وبعده للقائم مقامه يصرفه حيث يشاء من مصالح نفسه ومن يلزمه مؤنته ليس لاحد فيه شيء. وقالا: إن غنائم بدر كانت للنبي صلى الله عليه وآله خاصة، فسألوه أن يعطيهم.

وفي قراءة اهل البيت: { يسألونك الأنفال } فأنزل الله تعالى قوله { قل الأنفال لله والرسول } ولذلك قال { فاتقوا الله وأصلحوا ذات بينكم } ولو سألوه عن موضع الاستحقاق لم يقل لهم: اتقوا الله.

والانفال جمع نفل والنفل هو الزيادة على الشيء، يقال: نفلتك كذا إذا زدته قال لبيد بن ربيعة:
إن تقوى ربنا خير نفل   وباذن الله ريثي والعجل
والنفل هو ما أعطيته المرء على البلاء، والفناء على الجيش على غير قسمة. وكل شيء كان زيادة على الأصل فهو نفل ونافلة، ومنه قيل لولد الولد: نافلة، ولما زاد على فرائض الصلاة نافلة.

واختلفوا في سبب نزول هذه الآية، فقال قوم: نزلت في غنائم بدر، لأن النبي صلى الله عليه وآله كان نفل أقواماً على بلاء فأبلى اقوام وتخلف آخرون مع النبي صلى الله عليه وآله فلما انقضى الحرب اختلفوا، فقال قوم: نحن اخذنا، لأنا قتلنا. وقال آخرون: نحن احطنا بالنبي صلى الله عليه وآله ولو أردنا لأخذنا.

السابقالتالي
2 3