الرئيسية - التفاسير


* تفسير هميان الزاد إلى دار المعاد / اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ هَلْ أَتَىٰ عَلَى ٱلإِنسَانِ حِينٌ مِّنَ ٱلدَّهْرِ لَمْ يَكُن شَيْئاً مَّذْكُوراً } * { إِنَّا خَلَقْنَا ٱلإِنسَانَ مِن نُّطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَّبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعاً بَصِيراً }

بسم الله الرحمن الرحيم { هَلْ } قال ابن عباس بمعنى قد وكذا الكسائي والفراء والمبرد يعنون قد التحقيقية والتقريبية. وقال جار الله هل ابدأ بمعنى قد وهمزة الاستفهام مقدرة قبلها وان قد هنا للتقريب والهمزة قبلها للتقرير أي اتى على الانسان زمان قريب لم يكن فيه شيئا مذكورا بل نطفة في الرحم ان اريد الجنس أو طين أن أريد آدم إذ كان طينا معجونا أو مصورا غير منفوخ فيه والأصل أهل بدليل قوله*
سائل فوارس يربوع بشدتنا أهل رؤنا بسفح القاع ذي الاكم   
والظاهر انها للاستفهام التقريري. قال ابن هشام وبالغ الزمخشري فزعم انها ابداً بمعنى قد وأن الاستفهام مستفاد من همزة مقدرة معها ونقله في المفصل عن سيبويه، فقال وعند سيبويه انها ابدا بمعنى قد الا أنهم تركوا الالف قبلها لأنها لا تقع إلا في الاستفهام. وقد جاء دخولها عليها في قوله
سائل فوارس يربوع بشدتنا أهل رؤنا يسفح القاع ذي الاكم   
انتهى ولو كان كما ذكر لن تدخل الا على الفعل كقد ولم أر في كتاب سيبويه ما نقله عنه. انما قال في باب عدة ما يكون فيه الكلم ما نصه وهل وهي للاستفهام لم يزد على ذلك وقيل قد في الآية للتوقع وكأنه قيل لقوم يتوقعون الخبر عن " ما آتى على الانسان " وهو آدم عليه السلام قال والحين زمن كونه طينا. وفي تسهيل ابن مالك أنه تتعين مرادفة هل لقد اذا دخلت عليها الهمزة يعني كما في البيت ومفهومه أنها لا تتعين لذلك إذا لم تدخل عليها بل قد تأتي لذلك كما في الآية وقد لا تأتي له أو أراد أنها اذا لم تدخل عليها الهمزة احتملت الاستفهام ومرادفة قد وقد عكس قوم ما قاله الزمخشري فزعموا ان هل لا تأتي بمعنى قد اصلا قال ابن هشام وهذا هو الصواب عندي إذ لا متمسك من اثبت ذلك الا أحد ثلاثة أمور. أحدها تفسير ابن عباس رضي الله عنهما، ولعله اراد أن الاستفهام في الآية للتقرير وليس باستفهام حقيقي، أو قد صرح بذلك جماعة من المفسرين فقال بعضهم هل هنا للاستفهام التقريري والمقرر به من أنكر البعث وقد علم انهم يقولون نعم قد مضى دهر طويل لا إنسان فيه فيقال لهم فالذي احدث الناس بعد أن لم يكونوا كيف يمتنع عليه أحياء هم بعد موتهم وهو معنى قوله تعالىولقد علمتم النشأة الأولى فلولا تذكرون } أي هلا تذكرون فتعلمون ان من انشأ شيئا بعد أن لم يكن قادر على إعادته بعد موته انتهى. وقال آخر مثل ذلك الا أنه فسر الحين بزمان التطوير في الرحم فقال المعنى ألم يأت على الانسان حين من الدهر كانوا فيه نطفا ثم علقا ثم مضغا الى أن صاروا شيئا مذكورا.

السابقالتالي
2 3