الرئيسية - التفاسير


* تفسير هميان الزاد إلى دار المعاد / اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ ٱلْقَدْرِ }

بسم الله الرحمن الرحيم { إِنَّآ أَنزَلْنَاهُ } أي القرآن أسند أنزله إلى نفسه تعظيما له ورجع اليه الضمير مع أنه لم يتقدم له ذكر شهادة بالشرف الرفيع المغني عن التصريح كما عظمه بتعظيم الوقف الذي نزل فيه بقوله * { فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ } أي الليلة التي لها شأن كامل فأل للكمال كقولك لزيد قدر عند الأمير أي منزلة وجاه وهذه الليلة لها شرف على سائر الليالي غير ليلة المولد، ومنه وما قدروا الله حق قدره لنزول القرآن فيها جملة واحدة من اللوح المحفوظ إلى بيت العزة في السماء الدنيا ثم نزل به نحو ما جبريل بحسب الوقائع في ثلاث وعشرين سنة وقيل في عشرين بعدما أملاه على السفرة، وقال الشعبي ابتدأنا إنزاله إليك في ليلة القدر نزل عليه في حراء في العشر الأواخر من رمضان وتقدمت قصته قيل أنزله إلى السماء الدنيا ليشرف الملائكة بذلك ولأنها مشتركة مسكن لهم وسقف لنا وزينة وقيل سميت ليلة القدر لأن الله سبحانه يقدر الأمور كلها فيها من الأحكام والأرزاق والآجال وما يكون في السنة بناء على أنها هي المراد في قولهفيها يفرق كل أمر حكيم } ومعنى التقدير فيها إظهار القضاء للملائكة فيكتبوه وإلا فتقدير الأمور لا أول له وهو القضاء عند بعض، قال الحسين بن الفضيل سوق المقادير إلى المواقيت وتنفيذ القضاء المقدر وقيل سميت ليلة القدر لأن العمل فيها يكون ذا قدر عند الله لقبوله، وقيل لأن الأرض تضيق فيها بالملائكة، وعن أبي عبيدة الملائكة في الأرض ليلة القدر أكثر من عدد الحصى كقوله تعالى { ومن قدر عليه رزقه } أي ضيق وقيل القدر تضيقها عن العلم بإخفاءها، وقيل القدر بمعنى القدر بفتح الدال نظير القضاء أو مقابلة ولكن سكنت إشعارا بأن المراد تفصيل ما جرى به القضاء وإظهاره وهو موافق للقول الثاني ولو عدوه قولا آخر ثم عظم تلك الليلة أيضا بقوله { وَمَآ أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ }.