قوله: { أَإِذَا ضَلَلْنَا }: تقدَّم اختلافُ القراء في الاستفهامين في سورة الرعد. والعاملُ في " إذا " محذوفٌ تقديرُه: نُبْعَثُ أو نُخْرَجُ، لدلالةِ " خَلْقٍ جديد " عليه. ولا يَعْمَلُ فيه " خَلْق جديد " لأنَّ ما بعد " إنَّ " والاستفهامَ لا يعملُ فيما قبلهما. وجوابُ " إذا " محذوفٌ إذا جعلتَها شرطيةً. وقرأ العامَّةُ " ضَلَلْنا " بضادٍ معجمةٍ ولامٍ مفتوحةٍ بمعنى: ذَهَبْنا وضِعْنا، مِنْ قولِهم: ضَلَّ اللبنُ في الماء. وقيل: غُيِّبْنا. قال النابغة:
3670 ـ فآبَ مُضِلُّوه بعينٍ جَلِيَّة
وغُوْدِر بالجَوْلانِ حَزْمٌ ونائِلُ
والمضارعُ مِنْ هذا: يَضِلُّ بكسر العين وهو كثيرٌ. وقرأ يحيى ابن يعمر وابن محيصن وأبو رجاء بكسرِ اللامِ، وهي لغةُ العالية. والمضارعُ من هذا يَضَلُّ بالفتح. وقرأ عليٌّ وأبو حيوة " ضُلِّلْنا " بضم الضاد وكسر اللام المشددة مِنْ ضَلَّلَه بالتشديد. وقرأ عليٌّ أيضاً وابن عباس والحسن والأعمش وأبان بن سعيد " صَلَلْنا " بصادٍ مهملةٍ ولامٍ مفتوحة. وعن الحسن أيضاً " صَلِلْنا " بكسرِ الصادِ. وهما لغتان. يقال: صَلَّ اللحمُ يَصِلُّ، ويَصَلُّ بفتح الصادِ وكَسرِها لمجيءِ الماضي مفتوحَ العين ومكسورَها. ومعنى صَلَّ اللحمُ: أنتنَ وتَغيَّرتْ رائحتُه. ويُقال أيضاً: أَصَلَّ بالألف قال:
3671 ـ تُلَجْلِجُ مُضْغَةً فيها أَنِيْضٌ
أَصَلَّتْ، فَهْيَ تحت الكَشْحِ داءُ
وقال النحاس: " لا نعرفُ في اللغة " صَلِلْنا " ولكن يُقال: صَلَّ اللحمُ، وأصلَّ، وخَمَّ وأَخَمَّ " وقد عَرَفها غيرُ أبي جعفر.