الرئيسية - التفاسير


* تفسير معالم التنزيل/ البغوي (ت 516 هـ) مصنف و مدقق


{ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلاَ أَوْلاَدُكُمْ عَن ذِكْرِ ٱللَّهِ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْخَاسِرُونَ } * { وَأَنفِقُواْ مِن مَّا رَزَقْنَاكُمْ مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ ٱلْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلاۤ أَخَّرْتَنِيۤ إِلَىٰ أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُن مِّنَ ٱلصَّالِحِينَ }

قوله عزّ وجلّ: { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لاَ تُلْهِكُمْ } ، لا تشغلكم { أَمْوَٰلُكُمْ وَلاَ أَوْلَـٰدُكُمْ عَن ذِكْرِ ٱللَّهِ } قال المفسرون يعني الصلوات الخمس نظيره قوله:لاَّ تُلْهِيهِمْ تِجَـٰرَةٌ وَلاَ بَيْعٌ عَن ذِكْرِ ٱللَّهِ } [النور: 37] { وَمَن يَفْعَلْ ذٰلِكَ } أي من شغله ماله وولده عن ذكر الله { فَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْخَـٰسِرُون }. { وَأَنفِقُواْ مِن مَّا رَزَقْنَـٰكُمْ } ، قال ابن عباس: يريد زكاة الأموال، { مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ ٱلموتُ } ، فيسأل الرجعة، { فَيَقُولُ رَبِّ لَوْلاۤ أَخَّرْتَنِي } ، هلا أخرتني أمهلتني، وقيل: " لا " صلة فيكون الكلام بمعنى التمني أي: لو أخرتني، { إِلَىٰ أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّق } ، فأتصدق وأزكي مالي، { وَأَكُن مِّنَ ٱلصَّـٰلِحِين } ، أي من المؤمنين. نظيره قوله تعالى:وَمَنْ صَلَحَ مِنْ ءَابَائِهِمْ } [الرعد: 23] [غافر: 8]، هذا قول مقاتل وجماعة، وقالوا: نزلت الآية في المنافقين. وقيل: نزلت الآية في المؤمنين. والمراد بالصلاح هنا: الحج. وروى الضحاك وعطية عن ابن عباس قال: ما من أحد يموت وكان له مال لم يؤدِّ زكاته وأطاق الحج فلم يحج إلا سأل الرجعة عند الموت. وقرأ هذه الآية. وقال: { وَأَكُن مِّنَ ٱلصَّـٰلِحِين } قرأ أبو عمرو " وأكونَ " بالواو ونصب النون على جواب التمني وعلى لفظ فأصدق، قال: إنما حذفت الواو من المصحف اختصاراً. وقرأ الآخرون: " وأكنْ " بالجزم عطفاً على قوله " فأصدَّق " لو لم يكن فيه الفاء لأنه لو لم يكن فيه فاء كان جزماً. يعني: إن أخرتني أصدق وأكن، ولأنه مكتوب في المصحف بحذف الواو.