وقولَه: { إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ... } الآية، قال مجاهد، وابن جبير: ما تكلموا به، ولكنه علمه اللَّه من قلوبهم، فأثنى عليهم؛ ليرغب في ذلك راغب، وَوَصْفُ اليوم بِعَبُوسٍ تَجُوُّزٌ، والقَمْطَرِيرُ: هو في معنى العبوس والإرْبِدَاد؛ تقول: ٱقْمَطَرَّ الرَّجُلُ: إذا جمع ما بين عَيْنَيْهِ. غضباً، وقال ابن عباس: يعبس الكافر يومئذ حتَّىٰ يسيلَ ما بين عينيه كالقَطِرَانِ، وَعَبَّرَ ابن عباس عن القمطرير بالطويل، وعَبَّرَ عنه غيره بالشديد؛ وذلك كله قريب في المعنى، والنضرة: جمال البشرة وذلك لا يكون إلاَّ مع فرح النفس وقرة العين. وقوله: { بِمَا صَبَرُواْ } عامٌّ في الصبر عنِ الشهوات وعلى الطاعات والشدائد، وفي هذا يدخل كُلُّ ما خصص المفسرون من صوم، وفقر، ونحوه. وقوله سبحانه: { لاَ يَرَوْنَ فِيهَا شَمْساً... } الآية، عبارةٌ عن اعتدال هوائها وذَهَابِ ضَرَرِيِ الحَرِّ والقَرِّ، والزَّمْهَرِير: أَشَدُّ البرد، والقطوف: جمع قطف وهو العنقود من النخل والعنب ونحوه، والقوارير: الزجاج. وقوله تعالى: { مِّن فِضَّةٍ } يقتضي أَنَّها من زجاج ومن فضة، وذلك متمكن؛ لكونه من زجاج في شفوفه ومن فضة في جَوْهَرِهِ، وكذلك فضة الجنةِ شفَّافة، [قال القرطبيُّ في «تذكرته»: وذلك أَنَّ لكل قومٍ من تراب أرضهم قَوَارِيرَ، وأَنَّ ترابَ الجنة فضة، فهي قوارير من فضة؛ قاله ابن عباس، انتهى]. وقوله تعالى: { قَدَّرُوهَا تَقْدِيراً } أي: على قَدْرِ رِيِّهِمْ؛ قاله مجاهد، أو على قدر الأَكُفِّ قاله الربيع، وضمير { قَدَّرُوهَا } يعود إمَّا على الملائكة، أو على الطائفين، أو على المنعمين. وقوله سبحانه: { عَيْناً فِيهَا تُسَمَّىٰ سَلْسَبِيلاً } «عيناً» بدل من «كأس» أو من «عين» على القول الثاني، و { سَلْسَبِيلاً } قيل: هو اسم بمعنى السَّلِسُ المنقاد الجرية، وقال مجاهد: حديدة الجرية، وقال آخرون: { سَلْسَبِيلاً } صفة لقوله: { عَيْناً } و { تُسَمَّىٰ } بمعنى تُوْصَفُ وتشهر، وكونه مصروفاً مما يؤكد كونه صفة للعين لا اسماً. وقوله تعالى: { حَسِبْتَهُمْ لُؤْلُؤاً مَّنثُوراً } قال الإمام الفخر: وفي كيفية التشبيه وجوه. أحدها: أَنَّهُم شُبِّهُوا في حسنهم، وصفاء ألوانهم، وانبثاثهم في مجالسهم ومنازلهم في أنواع الخدمة ـــ باللؤلؤ المنثورِ، ولو كانوا صفًّا لَشُبِّهُوا باللؤلؤ المنظوم؛ أَلاَ ترى أَنَّهُ تعالى قال: { وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدٰنٌ } فإذا كانوا يطوفون كانوا متناثرين. الثاني: أَنَّ هذا من التشبيه العجيب؛ لأَنَّ اللؤلؤ إذا كان متفرقاً يكون أحسنَ في المنظر؛ لوقوع شعاع بعضه على بعض. الثالث: أَنَّهم شُبِّهُوا باللؤلؤ الرطب إذا نثر من صدفه؛ لأَنَّه أحسن وأجمل، انتهى.