الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الجيلاني/ الجيلاني (ت713هـ) لم يتم تصنيفه بعد و لم يتم تدقيقه بعد


{ ٱقْتَرَبَتِ ٱلسَّاعَةُ وَٱنشَقَّ ٱلْقَمَرُ } * { وَإِن يَرَوْاْ آيَةً يُعْرِضُواْ وَيَقُولُواْ سِحْرٌ مُّسْتَمِرٌّ } * { وَكَذَّبُواْ وَٱتَّبَعُوۤاْ أَهْوَآءَهُمْ وَكُلُّ أَمْرٍ مُّسْتَقِرٌّ } * { وَلَقَدْ جَآءَهُم مِّنَ ٱلأَنبَآءِ مَا فِيهِ مُزْدَجَرٌ } * { حِكْمَةٌ بَالِغَةٌ فَمَا تُغْنِ ٱلنُّذُرُ } * { فَتَوَلَّ عَنْهُمْ يَوْمَ يَدْعُ ٱلدَّاعِ إِلَىٰ شَيْءٍ نُّكُرٍ } * { خُشَّعاً أَبْصَٰرُهُمْ يَخْرُجُونَ مِنَ ٱلأَجْدَاثِ كَأَنَّهُمْ جَرَادٌ مُّنتَشِرٌ } * { مُّهْطِعِينَ إِلَى ٱلدَّاعِ يَقُولُ ٱلْكَافِرُونَ هَـٰذَا يَوْمٌ عَسِرٌ } * { كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ فَكَذَّبُواْ عَبْدَنَا وَقَالُواْ مَجْنُونٌ وَٱزْدُجِرَ } * { فَدَعَا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَٱنتَصِرْ }

{ ٱقْتَرَبَتِ ٱلسَّاعَةُ } ودنت القيامة الموعودة قيامها، ومن علاماتها: انشقاق القمر { وَ } قد { ٱنشَقَّ ٱلْقَمَرُ } [القمر: 1] بإشارة الحضرة الختمية المحمدية صلى الله عليه وسلم، هذا وتواتر وقوعه.

{ وَ } المنكرون المصرون على الإنكار والتكذيب، المقيدون بعقال العقل الفضولي، المغلولون بأغلال الأحلام المشوبة بالخيالات والأوهام { إِن يَرَوْاْ آيَةً } معاينة دالة على كمال قدرة الصانع الحكيم، والقادر العليم، يُعْرِضُوا عنها؛ لعدم مطابقتها بعاداتهم، ومقتضيات أوهامهم وخيالاتهم { وَيَقُولُواْ } من شدة إنكارهم وعنادهم: هذا الذي صدر منه على خلاف العادة { سِحْرٌ مُّسْتَمِرٌّ } [القمر: 2] في الزمان، وقوعه لا مختلق منه فقط.

{ وَ } بالجملة: { كَذَّبُواْ } الآية الخارقة للعادة { وَٱتَّبَعُوۤاْ أَهْوَآءَهُمْ } المعتادة الفاسدة، وآراءهم الباطلة الكاسدة { وَ } هكذا { كُلُّ أَمْرٍ } رسخ، تمكن في نفوسهم، سواء كان خيراً أو شراً، طاعة أو معصية، ولاية أو عداوة { مُّسْتَقِرٌّ } [القمر: 3] ثابت في مكانه بعدما تقرر وتمرن، لا يتعداه أصلاً.

{ وَ } من نهاية تمكنهم ورسوخهم في الكفر والعناد، وتمرنهم على الغيّ والفساد، لَقَدْ جَاءَهُم في القرآن المرشد لهم إلى الهداية والعرفان { مِّنَ ٱلأَنبَآءِ } والأخبار الجارية على القرون الماضية، المصرة على العتو والعناد أمثالهم { مَا فِيهِ مُزْدَجَرٌ } [القمر: 4] أي: وعيدات هائلة موجبة للانزجار الكامل، والارتداع المبالغ لأصحاب الغيرة والاستبصار.

أذ هي كلها { حِكْمَةٌ بَالِغَةٌ } نهايتها في الإحكام والإتقان، ومع ذلك { فَمَا تُغْنِ ٱلنُّذُرُ } [القمر: 5] وما تفيدهم إنذاراتهم أصلاً؛ إذ هم مجبولون على الغواية المتناهية، أمثال هؤلاء الغاوين المصرين على العتو والعناد معك، وبالجملة: { فَتَوَلَّ } يا أكمل الرسل، وأعرض { عَنْهُمْ } وعن دعوتهم وإرشادهم، وانتظر { يَوْمَ يَدْعُ } وينادي { ٱلدَّاعِ } المنادي هو إسرافيل - ودعاؤه كناية عن نفخة في الصور للبعث أو الحشر { إِلَىٰ شَيْءٍ نُّكُرٍ } [القمر: 6] فظيع فجيع، تنكره النفوس؛ إذ لم يعهد مثله، وهو هول يوم القيامة المعدَّة للحساب والجزاء.

وبعدما سمعوا النداء والهائل، والصداء المهول { خُشَّعاً أَبْصَٰرُهُمْ } أي: شاخصة ذليلة، كالتائه الهائب الهائل { يَخْرُجُونَ مِنَ ٱلأَجْدَاثِ } أي: قبورهم التي هم مدفونون فيها في عالم البرزخ، ويتحركون على الأرض { كَأَنَّهُمْ جَرَادٌ مُّنتَشِرٌ } [القمر: 7] في الكثرة والانتشار إلى الأمكان.

فيتوجهون { مُّهْطِعِينَ } مسرعين { إِلَى ٱلدَّاعِ } المنادي، مادين أعناقهم نحوه، ومن شدة خوفهم وهولهم، ليعلموا لما يدعوهم، ومن شدة تلك الساعة، ونهاية أهوالها وفظاعتها { يَقُولُ ٱلْكَافِرُونَ } في نجواهم، وهواجس نفوسهم: { هَـٰذَا يَوْمٌ عَسِرٌ } [القمر: 8] صعب في غاية الصعوبة والفظاعة.

ثمَّ قال سبحانه تسليةً لحبيبه صلى الله عليه وسلم حين كذبه قومه، حاكياً إياه صلى الله عليه وسلم عن أحوال الماضين تسليةً وإزالةً لحزنه: { كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ } أي: قبل قومك { قَوْمُ نُوحٍ } أي: لا تحزن يا أكمل الرسل من تكذيب هؤلاء المكذبين بك، ولا تغتم من أذياتهم؛ إذ ما هي ببدع منهم بالنسبة إليك، بل تذكر تكذيب قوم نوح { فَكَذَّبُواْ عَبْدَنَا } أي: كيف كذبوا أخاك نوحاً { وَقَالُواْ } له حين دعوتهم إلى الإيمان: هو { مَجْنُونٌ } مخبط، مختل العقل والرأي { وَٱزْدُجِرَ } [القمر: 9] وزجر؟ لأجل دعوته وتبليغه إياهم إلى حيث لطمه كلُّ من يصل إليه، ورماه بالحجارة كل من يمر عليه، فصبر على أذاهم، وبالغ في دعوته إياهم.

السابقالتالي
2