قيل: حصل أي أُبرز. قاله ابن عباس. وقيل: ميز الخير من الشر. والحاصل من كل شيء ما بقي. قال لبيد:
وكل امرئ يوماً سيعلم سعيه
إذا حصلت عند الإله الحصائل
والمراد بما في الصدور الأعمال، وهذا كقوله:{ يَوْمَ تُبْلَىٰ ٱلسَّرَآئِرُ } [الطارق: 9]. ونص على الصدور هنا، مع أن المراد القلوب، لأنها هي مناط العمل ومعقد النية. والعقيدة وصحة الأعمال كلها مدارها على النية، كما في حديث: " إنما الأعمال بالنيات " وحديث: " ألا أن في الجسد مضغة، إذا صلحت صلح الجسد كله " الحديث. وقال الفخر الرازي: خصص القلب بالذكر، لأنه محل لأصول الأعمال. ولذا ذكره في معرض الذم، فإنه{ آثِمٌ قَلْبُهُ } [البقرة: 283]، وفي معرض المدح{ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ } [الأنفال: 2]. ويشهد لما قاله قوله:{ إِلاَّ مَنْ أَتَى ٱللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ } [الشعراء: 89]. وقوله:{ ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ } [البقرة: 74]. وقال:{ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ } [الزمر: 23]. وقوله:{ أَلاَ بِذِكْرِ ٱللَّهِ تَطْمَئِنُّ ٱلْقُلُوبُ } [الرعد: 28]، ونحو ذلك. ومما يدل على أن المراد بالصدور ما فيها هو القلب. قوله:{ فَإِنَّهَا لاَ تَعْمَى ٱلأَبْصَارُ وَلَـٰكِن تَعْمَىٰ ٱلْقُلُوبُ ٱلَّتِي فِي ٱلصُّدُورِ } [الحج: 46]. وقال الفخر الرازي: نص على الصدور ليشمل الخير والشر، لأن القلب محل الإيمان. والصدر هو محل الوسوسة لقوله تعالى:{ ٱلَّذِى يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ ٱلنَّاسِ } [الناس: 5]. وهذا وإن كان وجيهاً، لأن محل الوسوسة أيضاً هو القلب، فيرجع إلى المعنى الأول والله أعلم.