الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح المعاني/ الالوسي (ت 1270 هـ) مصنف و مدقق


{ فَإِذَا نُقِرَ فِي ٱلنَّاقُورِ } * { فَذَلِكَ يَوْمَئِذٍ يَوْمٌ عَسِيرٌ } * { عَلَى ٱلْكَافِرِينَ غَيْرُ يَسِيرٍ }

{ فَإِذَا نُقِرَ } أي نفخ { فِى ٱلنَّاقُورِ } في الصور وهو فاعول من النقر بمعنى التصويت وأصله القرع الذي هو سببه ومنه منقار الطائر لأنه يقرع به ولهذه السببية تجوز به عنه وشاع ذلك، وأريد به النفخ لأنه نوع منه. والفاء للسببية كأنه قيل اصبر على أذاهم فبين أيديهم يوم هائل يلقون فيه عاقبة أذاهم وتلقى عاقبة صبرك عليه.

والعامل في { إِذَا } ما دل عليه قوله تعالى: { فَذَلِكَ يَوْمَئِذٍ يَوْمٌ عَسِيرٌ * عَلَى ٱلْكَـٰفِرِينَ } فالمعنى إذا نقر في الناقور عسر الأمر على الكافرين، والفاء في هذا للجزاء و(ذلك) إشارة إلى وقت النقر المفهوم من { فَإِذَا نُقِرَ } وما فيه من معنى البعد مع قرب العهد لفظاً بالمشار إليه للإيذان ببعد منزلته في الهول والفظاعة ومحله الرفع على الابتداء و { يَوْمَئِذٍ } قيل بدل منه مبني على الفتح لإضافته إلى غير متمكن والخبر { يَوْمٌ عَسِيرٌ } فكأنه قيل فيوم النقر يوم عسير. وجوز أن يكون { يَوْمَئِذٍ } ظرفاً مستقراً ليوم عسير أي صفة له فلما تقدم عليه صار / حالاً منه والذي أجاز ذلك على ما في «الكشاف» ((أن المعنى فذلك وقت النقر وقوع يوم عسير لأن يوم القيامة يأتي ويقع حين ينقر في الناقور)) فهو على منوال زمن الربيع العيد فيه أي وقوع العيد فيه ومآله فذلك الوقوع وقوع يوم الخ ومما ذكر يعلم اندفاع ما يتوهم من تقديم معمول المصدر أو معمول ما في صلته على المصدر إن جعل ظرف الوقوع المقدر أو ظرف { عَسِيرٌ } والتصريح بلفظ وقوع إبراز للمعنى وتفص عن جعل الزمان مظروف الزمان برجوعه إلى الحدث فتدبر. وظاهر صنيع «الكشاف» اختيار هذا الوجه وكذا كلام صاحب «الكشف» إذ قرره على أتم وجه وادعى فيما سبق تعسفاً نعم جوز عليه الرحمة أن يكون { يَوْمَئِذٍ } معمول ما دل عليه الجزاء أيضاً كأنه قيل فإذا نقر في الناقور عسر الأمر على الكافرين يومئذٍ وأياً ما كان فعلى الكافرين متعلق بعسير وقيل بمحذوف هو صفة لعسير أو حال من المستكن فيه. وأجاز أبو البقاء تعلقه بيسير في قوله تعالى: { غَيْرُ يَسِيرٍ } وهو الذي يقتضيه كلام قتادة وتعقبه أبو حيان بأنه ينبغي أن لا يجوز لأن فيه تقديم معمول المضاف إليه على المضاف وهو ممنوع على الصحيح وقد أجازه بعضهم في (غير) حملاً لها على لا فيقول أنا بزيد غير راض.

وزعم الحوفي أن { إِذَا } متعلقة بـفَأَنذِرْ } [المدثر: 2] والفاء زائدة وأراد أنها مفعول به لأنذر كأنه قيل قم فأنذرهم وقت النقر في الناقور وقوله تعالى { فَذَلِكَ } الخ جملة مستأنفة في موضع التعليل وهو كما ترى.

السابقالتالي
2