الرئيسية - التفاسير


* تفسير النكت والعيون/ الماوردي (ت 450 هـ) مصنف و مدقق


{ وَجَعَلُواْ للَّهِ شُرَكَآءَ ٱلْجِنَّ وَخَلَقَهُمْ وَخَرَقُواْ لَهُ بَنِينَ وَبَنَٰتٍ بِغَيْرِ عِلْمٍ سُبْحَٰنَهُ وَتَعَٰلَىٰ عَمَّا يَصِفُونَ }

قوله عز وجل: { وَجَعَلُواْ لِلَّهِ شُرَكَاءَ الْجِنَّ وَخَلَقَهُمْ } فيه ثلاثة أقاويل:

أحدها: أن المجوس نسبت الشر إلى إبليس، وتجعله بذلك شريكاً لله.

والثاني: أن مشركي العرب جعلوا الملائكة بنات الله وشركاء له، قاله قتادة، والسدي، وابن زيد كقوله تعالى: { وَجَعَلُواْ بَينَهُ وَبَيْنَ الْجِنَّةِ نَسَباً وَلَقَدْ عَلِمَتِ الْجنَّةُ إِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ } فَسَمَّى الملائكة لاختفائهم عن العيون جنة.

والثالث: أنه أطاعوا الشيطان في عبادة الأوثان حتى جعلوها شركاء لله في العبادة، قاله الحسن، والزجاج.

{ وَخَلَقَهُمْ } يحتمل وجهين:

أحدهما: أنه خلقهم بلا شريك [له]، فَلِمَ جعلوا له في العبادة شريكاً؟.

والثاني: أنه خلق من جعلوه شريكاً فكيف صار في العبادة شريكاً.

وقرأ يحيى بن يعمر { وَخَلْقَهُمْ } بتسكين اللام. ومعناه أنهم جعلوا خلقهم الذي صنعوه بأيديهم من الأصنام لله شريكاً.

{ وَخَرَقُواْ لَهُ بَنِينَ وَبَنَاتٍ بِغَيْرِ عِلْمٍ } في خرقوا قراءتان بالتخفيف والتشديد، وفيه قولان:

أحدهما: أن معنى خرقوا كذبوا، قاله مجاهد، وقتادة، وابن جريج، وابن زيد.

والثاني: معناه وخلقوا له بنين وبنات، والخلق والخرق واحد، قاله الفراء.

والقول الثاني: أن معنى القراءتين مختلف، وفي اختلافهما قولان:

أحدهما: أنها بالتشديد على التكثير.

والثاني: أن معناها بالتخفيف كذبوا، وبالتشديد اختلفوا.

والبنون قول النصارى في المسيح أنه ابن الله، وقول اليهود أن عزيراً ابن الله.

والبنات قول مشركي العرب في الملائكة أنهم بنات الله.

{ بِغَيْرِ عِلْمٍ } يحتمل وجهين:

أحدهما: بغير علم منهم أن له بنين وبنات.

والثاني: بغير حجة تدلهم على أن له بنين وبنات.