قرأ ابن عامر { فتحت } مشددة، على التكثير. الباقون بالتخفيف. يقول الله تعالى: إنه حرام على أهل قريه أهلكناها رجوعهم، { حتى إذا فتحت يأجوج ومأجوج } أي ينفرج السدان { يأجوج ومأجوج } ويظهروا، والتقدير فتحت جهة يأجوج ومأجوج، والفتح أنفراج الشيء عن غيره. وقوله { وهم من كل حدب ينسلون } قال مجاهد: ان قوله { وهم } كناية عن الناس، يحشرون الى أرض الموقف يوم القيامة. وقال عبد الله بن مسعود: هو كناية عن يأجوج ومأجوج. ويأجوج ومأجوج إسمان أعجميان، وهما قبيلان. ولو كانا عربيين لكانا من أج النار، أو الماء الاجاج. وقال قتادة: الحدب الاكم. وقيل: هو الارتفاع من الارض بين الانخفاض، ومعناهما واحد. والحدبة خروج الظهر، يقال: رجل أحدب إذا احدودب كبراً. وقوله { ينسلون } فالنسول الخروج عن الشيء الملابس، يقال: نسل ينسل وينسل نسولا، قال امرؤ القيس:
وان كنت قد ساءتك مني خليقة
فسلي ثيابي من ثيابك تنسل
ونسل ريش الطائر إذا سقط. وقيل: النسول الخروج باسراع مثل نسلان الذئب، قال الشاعر:
عسلان الذئب أمسى قارياً
برد الليل عليه فنسل
وقوله تعالى { واقترب الوعد الحق } قال قوم: الواو مقحمة والتقدير اقترب الوعد الحق، يعني القيامة. وقال آخرون: ليست مقحمة، بل الجواب محذوف، وهو الأجود، والتقدير على قول الأولين { حتى إذا فتحت يأجوج ومأجوج وهم من كل حدب ينسلون... اقترب الوعد الحق } ذكره الفراء قال: وهو مثل قوله{ وتله للجبين وناديناه } وكقوله{ حتى إذا جاؤها وفتحت } والمعنى فتحت. وعلى قول البصريين الواو مرادة والتقدير حتى إذا فتحت، واقترب الوعد الحق، قالوا يا ويلنا قد كنا في غفلة. وقيل: خروج يأجوج ومأجوج من اشراط الساعة. وقوله { فإذا هي شاخصة } قيل ان الضمير في قوله { فإذا هي } عائد الى معلوم ينبه عليه ابصار الذين كفروا، كما قال الشاعر:
لعمر ابيها لا تقول ظعينتي
إلا فرّعني مالك ابن أبي كعب
فكنى في ابيها ثم بين ذكرها. وقال قوم: إضمار العماد على شروط التفسير، كقوله تعالى{ فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور } وقوله { يا ويلنا } أي يقول الكفار الذين شخصت أبصارهم: الويل لنا إنا قد كنا في غفلة من هذا اليوم، وهذا المقام، بل كنا ظالمين لنفوسنا بارتكاب معاصي الله، فيقول الله تعالى لهم { إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم أنتم لها واردون } والمعنى انكم ايها الكافرون والذي عبدتموه من الاصنام والاوثان حصب جهنم. وقال ابن عباس: وقودها. وقال مجاهد: حطبها. وقيل: انهم يرمون فيها، كما يرمى بالحصباء - في قول مجاهد، وقال: إنما يحصب بهم أي يرمى بهم. وقرأ (علي) (ع)، وعائشة { حطب }. وقرأ الحسن { حضب } بالضاد. ومعناه ما تهيج به النار وتذكا به.