الرئيسية - التفاسير


* تفسير هميان الزاد إلى دار المعاد / اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي ٱلأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَقْصُرُواْ مِنَ ٱلصَّلَٰوةِ إِنْ خِفْتُمْ أَن يَفْتِنَكُمُ ٱلَّذِينَ كَفَرُوۤاْ إِنَّ ٱلْكَافِرِينَ كَانُواْ لَكُمْ عَدُوّاً مُّبِيناً }

{ وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِى الأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَقْصُرُوا } وقرىء بضم التاء وكسر الصاد واسكان القاف بينهما من الاقصار، وقرأ الزهرى بضم التاء وفتح القاف وكسر الصاد مشددة من التقصير. { مِنَ الصَّلاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَن يَفْتِنَكُمْ الَّذِينَ كَفَرُوا } أى اذا سافرتم فى الأرض، والسفر فى البحر مثل السفر فى الأرض، وغير السفر كالسفر، ولكن ذكر السفر لأنه مظنته الخوف، والآية فى صلاة الخوف، فليس عليكم ميل عن الحق فى التقصير من الصلاة بحسب الامكان، كقراءة آية واحدة فى الركعة بعد فاتحة الكتاب، وعدم الترتيل، وتعظيمة واحدة، وتسبيحة واحدة، وكالصلاة بالايماء وذلك للغد وكصلاة ركعتين من أربع اذا كان فى الحضر، وواحدة من اثنتين اذا كان فى السفر، وذلك مع الامام، وذلك كله لمن خاف أن يفتنه الذين كفروا، أى أن يبلوه بقتل أو ضرب أو ينالوه بمضرة. وأما صلاة السفر فليست مأخوذة من الآية، والله أعلم، بل من السنة مثل قول ابن عباس كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلى بين مكة والمدينة ركعتين لا يخاف الا الله، وفى لفظ خرج من المدينة الى مكة لا يخاف الا رب العالمين، فصلى ركعتين، ومثل قول حارثة بن وهب الخزاعى صليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بمنى ركعتين أكثر ما كان الناس وآمنهم، ولعل فى حجة الوداع. ومثل ما ذكروا عن " رجل أنه أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله انى رجل تاجر أتجر الى البحرين، فكيف تأمرنى بالصلاة؟ قال صل ركعتين " ، ومثل خروجه صلى الله عليه وسلم من المدينة الى ذى الحليفة فصلى بهم ركعتين يعلمهم صلاة السفر، ومثل قول عمر رضى الله عنه صلاة السفر ركعتان تمام غير قصر على لسان نبيكم صلى الله عليه وسلم، ومثل قول عائشة رضى الله عنها " أول ما فرضت الصلاة فرضت ركعتين ركعتين، فأقرت فى السفر وزيدت فى الحضر " هذا مذهبنا، ومذهب ابن عباس، وجابر بن عبد الله، وسعيد بن جبير، والسدى وأبى حنيفة، فلو صلى المسافر أربعا لم تجزه، وقيل الأصل أربع فنقص منها للسفر ركعتان ترخيصا، وأنه لو صلى المسافر أربعا لأجزته، وأنه أولى من القصر، وقيل القصر أولى، ومذهب أبى حنيفة كمذهبنا، اذ قال القصر فى السفر تحريمه غير رخصة لا يجوز غيره، واحتج من قال بذلك أيضا بأن ابن عمر أقام ثمانية عشر شهرا بمكة بقصر الصلاة. وقال الحسن مضت السنة أن يقصر الصلاة المسافر ولو عشرين سنة ما لم يتخذ البلد الذى هو فيه وطنا، وأقام صلى الله عليه وسلم بتبوك عشرين ليلة يقصر، وفيه أيضا أن التقصير من السنة، واحتج من قال أن الصلاة أربع ونقص للمسافر ركعتان، وأنه يجوز له أربع وهو مذهب الشافعى ومجاهد وطاوس وأحمد بما روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه أتم فى السفر، وبما روى عن عائشة رضى الله عنها أنها قالت

السابقالتالي
2 3 4 5