الرئيسية - التفاسير


* تفسير الدر المصون/السمين الحلبي (ت 756 هـ) مصنف و مدقق


{ أَفَحَسِبَ ٱلَّذِينَ كَفَرُوۤاْ أَن يَتَّخِذُواْ عِبَادِي مِن دُونِيۤ أَوْلِيَآءَ إِنَّآ أَعْتَدْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ نُزُلاً }

قوله: { أَفَحَسِبَ }: العامَّةُ على كسرِ السين وفتح الباء فعلاً ماضياً. و { أَن يَتَّخِذُواْ } سادٌّ مَسَدَّ المفعولين. وقرأ أمير المؤمنين على بن أبي طالب وزيد علي وابن كثير ويحيى بن يعمر في آخرين، بسكون السينِ ورفعِ الباءِ على الابتداء، والخبر " أَنْ " وما في حَيَّزها.

وقال الزمخشري: " أو على الفعلِ والفاعلِ لأن اسمَ الفاعلِ إذا اعتمد على الهمزةِ ساوى الفعلَ كقولك: " أقائمٌ الزيدان " وهي قراءةٌ مُحْكَمةٌ جيدةٌ ".

قال الشيخ: والذي يظهرُ أنَّ هذا الإِعرابَ لا يجوزُ لأنَّ حَسْباً ليس باسمِ فاعل فيعمل، ولا يلزم مِنْ تفسير شيءٍ بشيء أن تجريَ عليه / أحكامُه. وقد ذكر سيبويه أشياءَ مِنَ الصفات التي تجري مَجْرى الأسماءِ، وأنَّ الوجهَ فيها الرفعُ. ثم قال: وذلك نحو: مررتُ برجلٍ خيرٌ [منه] أبوه، ومررتُ برجلٍ سواءٌ عليه الخيرُ والشرُّ، ومررت برجلٍ أبٌ له صاحبُه، ومررت برجلٍ حَسْبُك مِنْ رجلٍ هو، ومررت برجلٍ أيُّما رجلٍ هو. ثم قال الشيخ: " ولا يَبْعُدُ أَنْ يُرْفَعَ به الظاهرُ، فقد أجازوا في " مررت برجلٍ أبي عشرةٍ أبوه " ان يرتفعَ " أبوه " بأبي عشرة لأنه في معنى والدِ عشرة ".

قوله: " نزلاً " فيه أوجهٌ، أحدها: أنه منصوبٌ على الحالِ جمعَ " نازِل " نحوشارِف وشُرُف. الثاني: أنه اسمُ موضعِ النزول. الثالث: أنَّه اسمُ ما يُعَدُّ للنازلين من الضيوفِ، ويكونُ على سبيلِ التهكُّم بهم، كقولِه تعالى:فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ } [آل عمران: 21]، وقوله:
3199-..............................   تحيَّةُ بينِهم ضَرْبٌ وجميعُ
ونصبُه على هذين الوجهين مفعولاً به: أي: صَيَّرنا.

وأبو حيوة " نُزلاً " بسكونِ الزاي، وهو تخفيفُ الشهيرةِ.