الرئيسية - التفاسير


* تفسير محاسن التأويل / محمد جمال الدين القاسمي (ت 1332هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ ٱلسَّعْيَ قَالَ يٰبُنَيَّ إِنِّيۤ أَرَىٰ فِي ٱلْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَٱنظُرْ مَاذَا تَرَىٰ قَالَ يٰأَبَتِ ٱفْعَلْ مَا تُؤمَرُ سَتَجِدُنِيۤ إِن شَآءَ ٱللَّهُ مِنَ ٱلصَّابِرِينَ }

{ فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ ٱلسَّعْيَ } أي: السنّ الذي يقدر فيه على السعي والعمل { قَالَ يٰبُنَيَّ إِنِّيۤ أَرَىٰ فِي ٱلْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَٱنظُرْ مَاذَا تَرَىٰ } أي: إني أمرت في المنام بذبحك - ورؤيا الأنبياء وحي كالوحي في اليقظة - فانظر هل تصبر على إمضائي أمر الرؤيا والعمل بظاهرها؟ { قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ } أي: يأمرك الله به، فإن كان ذاك أمراً من لدنه فأمضه. قال القاضي: ولعله فهم من كلامه أنه رأى أنه يذبحه مأموراً به، أو علم أن رؤيا الأنبياء حق، وأن مثل ذلك لا يقدمون عليه إلا بأمر، ثم قال: ولعل الأمر في المنام دون اليقظة، لتكون مبادرتها إلى الامتثال، أدل على كمال الانقياد والإخلاص. انتهى.

قال الرازي: الحكمة في مشاورة الابن في هذا الباب، أن يطلع ابنه على هذه الواقعة ليظهر له صبره في طاعة الله، فتكون فيه قرة عين لإبراهيم، حيث يراه قد بلغ في الحلم إلى هذا الحد العظيم، وفي الصبر على أشد المكاره إلى هذه الدرجة العالية، ويحصل للابن الثواب العظيم في الآخرة، والثناء الحسن في الدنيا. وقوله: { سَتَجِدُنِيۤ إِن شَآءَ ٱللَّهُ مِنَ ٱلصَّابِرِينَ } أي: على الذبح، أو على قضاء الله.