الرئيسية - التفاسير


* تفسير الدر المصون/السمين الحلبي (ت 756 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ لِّسَانُ ٱلَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَـٰذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُّبِينٌ }

قوله تعالى: { لِّسَانُ ٱلَّذِي }: العامَّة على إضافة " لسان " إلى ما بعدَه. واللِّسانُ: اللغة. وقرأ الحسن " اللسان " معرَّفاً بأل، و " الذي " نعتٌ له. وفي هذه الجملة وجهان، أحدُهما: لا محلَّ لها لاستئنافِها، قاله الزمخشري. والثاني: أنها حالٌ مِنْ فاعل " يقولون " ، أي: يقولون ذلك والحالُ هذه، أي: عِلْمُهم بأعجميةِ هذا البشرِ وإبانةِ عربيَّةِ هذا القرآنِ كان ينبغي أَنْ يمنَعهم من تلك المقالةِ، كقولِك: " تَشْتُمُ فلاناً وهو قد أحسنَ إليك " ، أي: وعِلْمُك بإحسانِه إليك كان يمنعُك مِنْ شَتْمِهِ، قاله الشيخ. ثم قال: " وإنما ذهب إلى الاستئنافِ لا إلى الحالِ؛ لأنَّ مِنْ مذهبِه أنَّ مجيءَ الحالِ اسميةً من غيرٍ واوٍ شاذٌ، وهو مذهبٌ مرجوحٌ تَبِع فيه الفراءَ ".

و " أعجميٌّ " خبرٌ على كلتا القراءتين. والأعجميُّ: مَنْ لم يتكلَّمْ بالعربية. وقال الراغب: " العَجَمُ خلافُ العرب، والعجميُّ منسوبٌ إليهم، والأَعْجَم مَنْ في لسانِه عُجْمَةٌ عربياً كان أو غيرَ عربي؛ اعتباراً بقلة فَهْمِه من العُجْمة. والأعجميُّ منسوبٌ إليه، ومنه قيل للبهيمة " عَجْماءُ " من حيث إنها لا تُبِيْنُ، و " صلاةُ النهارِ عَجْماء " ، أي: لا يُجْهَرُ فيها. والعَجَمُ: النَّوَى لاختفائِه. وحروف المعجم، قال الخليل: " الحروفُ المقطَّعة لأنها أعجمية " قال بعضهم: معناه أنَّ الحروفَ المجردة لا تَدُلُّ على ما تَدُلُّ عليه الموصولةُ. وأَعْجمتُ الكتاب ضِدُّ أَعْرَبْتُه، وأَعْجَمْتُه: أَزَلْتُ عُجْمَتَه كَأَشْكَيْتُه، أي: أَزَلْتُ شِكايتَه، وسيأتي لهذا أيضاً مزيدُ بيانٍ إنْ شاء الله في الشعراء، وحم السجدة. وتقدَّم خلافُ القرَّاءِ في " يُلْحِدُون " في الأعراف.