وقرأ أبو عمرو والكسائي ونافع " يأتي " بإثبات الياء وصلاً وحَذْفِها وقفاً. وقرأ ابن كثير بإثباتها وصلاً ووقفاً، وباقي السبعة قرؤوا بحذفها وصلاً ووقفاً. وقد وَرَدَت المصاحف بإثباتها وحذفها: ففي مصحف أُبَي إثباتُها، وفي مصحف عثمان حَذْفُها، وإثباتُها هو الوجه لأنها لام الكلمة وإنما حذفوها في القوافي والفواصل لأنها محلُّ وقوف وقالوا: لا أَدْرِ، ولا أبالِ. وقال الزمخشري: " والاجتزاءُ بالكسرة عن الياءِ كثيرٌ في لغة هُذَيْل " وأنشد ابن جرير في ذلك:
2708 ـ كفَّاك كفٌّ ما تُليقُ دِرْهماً
جُوْداً وأخرى تُعْطِ بالسيف الدَّما
والناصبُ لهذا الظرف فيه أوجه، أحدها: أنه " لا تَكَلَّمُ " والتقدير: لا تَكَلَّمُ نفسٌ يومَ يأتي ذلك اليوم. وهذا معنى جيد لا حاجةَ إلى غيره. والثاني: أن ينتصب بـ " واذكر " مقدراً. والثالث: أن ينتصبَ بالانتهاءِ المحذوفِ في قوله: " إلا لأجل " ، أي: ينتهي الأجل يوم يأتي. والرابع: أنه منصوبٌ بـ " لا تَكَلَّم " مقدَّراً، ولا حاجةَ إليه. والجملةُ من قوله: " لا تَكَلَّمُ " في محلِّ نصبٍ على الحال من ضمير اليوم المتقدم في " مشهود " ، أو نعتاً له لأنه نكرة. والتقدير: لا تَكَلَّم نفسٌ فيه إلا بإذنه، قاله الحوفي وقال ابن عطية: " لا تكلَّم نفسٌ " يَصِحُّ أن تكون جملةً في موضع الحال من الضمير الذي في " يأتي " وهو العائد على قوله: " ذلك يومٌ " ، ويكون على هذا عائدٌ محذوف تقديره: لا تَكَلَّم نفسٌ فيه، ويصح أن يكون قوله: { لاَ تَكَلَّمُ نَفْسٌ } صفةً لقوله: " يوم يأتي ". وفاعلُ " يأتي " فيه وجهان، أظهرهما: أنه ضميرُ " يوم " المتقدِّم. والثاني: أنه ضمير اللَّه تعالىٰ كقوله:{ هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ أَن يَأْتِيَهُمُ ٱللَّهُ } [البقرة: 210] وقوله:{ أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ } والضميرُ في قوله: " فمنهم " الظاهر عَوْدُه على الناس في قوله: { مَّجْمُوعٌ لَّهُ ٱلنَّاسُ }. وجعله الزمخشري عائداً على أهلِ الموقف وإن لم يُذْكَروا، قال: " لأنَّ ذلك معلومٌ؛ ولأن قوله: { لاَ تَكَلَّمُ نَفْسٌ } يدلُّ عليه " ، وكذا قال ابنُ عطية. قوله: { وَسَعِيدٌ } خبره محذوف: أي: ومنهم سعيدٌ، كقوله:{ مِنْهَا قَآئِمٌ وَحَصِيدٌ } [هود: 100].