الرئيسية - التفاسير


* تفسير بحر العلوم/ السمرقندي (ت 375 هـ) مصنف و مدقق


{ مَّا يَوَدُّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْ أَهْلِ ٱلْكِتَابِ وَلاَ ٱلْمُشْرِكِينَ أَن يُنَزَّلَ عَلَيْكُمْ مِّنْ خَيْرٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَٱللَّهُ يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَن يَشَآءُ وَٱللَّهُ ذُو ٱلْفَضْلِ ٱلْعَظِيمِ }

قوله تعالى: { مَّا يَوَدُّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْ أَهْلِ ٱلْكِتَـٰبِ } يعني يهود أهل المدينة ونصارى أهل نجران { وَلاَ ٱلْمُشْرِكِينَ } يعني مشركي العرب { أَن يُنَزَّلَ عَلَيْكُم مِّنْ خَيْرٍ مِّن رَّبّكُمْ } يعني أن ينزل على رسولكم من الوحي وشرائع الإسلام لأنهم كانوا كفاراً، فيحبون أن يكون الناس كلهم كفاراً مثلهم. وهذا كما قال في آية أخرىوَدُّواْ لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُواْ فَتَكُونُونَ سَوَآءً } [النساء: 89]. فأخبر الله تعالى أن الأمر ليس على مرادهم حيث قال { وَٱللَّهُ يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَن يَشَآءُ } أي يختار للنبوة من يشاء من كان أهلاً لذلك ويكرم بدينه الإسلام من يشاء { وَٱللَّهُ ذُو ٱلْفَضْلِ ٱلْعَظِيمِ } أي ذو المن العظيم لمن اختصه بالنبوة والإسلام. وقال مقاتل: كان قوم من الأنصار يدعون حلفاءهم ومواليهم من اليهود إلى الإسلام. فقالوا للمسلمين: [إن الذين تدعوننا] إليه هو خير مما نحن فيه وعليه وددنا لو أنكم على هذا فنزل قوله { وَٱللَّهُ يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَن يَشَاء } أي بدينه ـ الإسلام ـ من يشاء. ونظيرهما في سورة هل أتىيُدْخِلُ مَن يَشَآءُ فِى رَحْمَتِهِ } [الشورى: 8]، أي في دين الإسلام.