الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ }

{ وفديناه بذبح } بما يذبح بدله فيتم به الفعل المأمور وهر فرى الاوداج وانهار الدم اى جعلنا الذبح بالكسر اسم لما يذبح فداء له وخلصناه به من الذبح وبالفارسية وفدا داديم اسماعيل را بكبشى والفادى فى الحقيقة هو ابراهيم وانما قال وفديناه لانه تعالى هو المعطى له والآمر به على التجوز فى الفداء او الاسناد { عظيم } اى عظيم الجثة سمين وهى السنة فى الاضاحى كما قال عليه السلام " عظموا ضحاياكم فانها على الصراط مطاياكم " او عظيم القدر لانه يفدى به الله نبيا ابن نبى وأى نبى من نسله سيد المرسلين. وفى التأويلات النجمية انما سمى الذبح عظيما لانه فداء نبيين عظيمين احدهما اعظم من الآخر وهما اسماعيل ومحمد عليهما السلام لانه كان محمد فى صلب اسماعيل انتهى. وفى اسئلة الحكم لم عظم الله الذبح مع ان البدن اعظم فى القربان من الكبش لانها تنوب عن سبعة الجواب لشدة المناسبة بين الكبش وبين النفس المسلمة الفانية فى الله فانه خلق مستسلما للذبح فحسب فيكون الكبش فى الآخرة صورة الموت يذبح على الصراط كما كان صورة الفناء الكلى والتسليم والانقياد ولذلك المعنى عظمه الله تعالى لان فضل كل شئ بالمعنى لا بالصورة اذ فضل الصورة تابع لفضل المعنى بخلاف البدنة فان المقصود الاعظم منها الركوب وحمل الاثقال عليها قيل كان ذلك كبشا من الجنة. وعن ابن عباس رضى الله عنهما انه الكبش الذى قربه هابيل فتقبل منه وكان يرعى فى الجنة حتى فدى به اسماعيل وحينئذ تكون النار التى نزلت فى زمن هابيل لم تأكله بل رفعته الى السماء وحينئذ يكون قول بعضهم فنزلت النار فاكلته محمولا على التسمح كما فى انسان العيون. ويحتمل ان تتجسم الروح كما تتجسم المعانى وتبقى ابدا فلا ينافى ان تأكله النار فى زمن هابيل ان يذبحه ابراهيم ثانيا. وروى انه هرب من ابراهيم عند الجمرة فرماه بسبع حصيات حتى اخذه فبقى سنة فى الرمى. وروى انه رمى الشيطان حين تعرض له بالوسوسة عند ذبح ولده كما سبق. وروى انه لما ذبحه قال جبريل " الله اكبر الله اكبر " فقال الذبيح " لا اله الا الله والله اكبر " فقال ابراهيم " الله اكبر ولله الحمد " فبقى سنة. واعلم ان الذبح ثلاثة وهو ذبح هابيل ثم ذبح ابراهيم ثم ذبح الموت فى صورة الكبش. وكذا الفداء فانه فداء اسماعيل بكبش هابيل وفداء المؤمنين يوم القيامة يفدى عن كل مؤمن بكافر يأخذ المؤمن بناصيته فيلقيه فى النار وفداء الله عن الحياة الابدية بالموت يذبح فى صورة الكبش على الصراط فيلقى به فى النار بشارة لاهل الجنة بالخلود الدائم وتبكيتا لاهل النار بالعقوبة الدائمة.

السابقالتالي
2 3