قوله: { لاَ تَقُمْ فِيهِ أَبَداً لَّمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى ٱلتَّقْوَىٰ مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ } ، الآية. والمعنى: لا تقم، يا محمد، في المسجد الذي بناه المنافقون، ضِراراً وتفريقاً بين المؤمنين، أبداً. ثم أقسم، فقال: { لَّمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى ٱلتَّقْوَىٰ } ، أي: ابتدئ أساسه وبناؤه على طاعة الله عز وجل، ورضوانه { مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ } ، ابتدئ بنيانه، { أَحَقُّ أَن تَقُومَ فِيهِ } ، أي: أولى أن تقوم فيه، مصلياً لله، عز وجل. و { مِنْ } هاهنا، بمعنى: منذ. وقيل: [المعنى]، من تأسيس أول يوم. ومعنى { أَوَّلِ يَوْمٍ }: أول الأيام: كما تقول: أتيت على كل رجل، أي: على كل الرجال. قال ابن عمر، وعمر، وزيد بن ثابت، وأبو سعيد الخدري وابن المسيب، وخارجة بن ثابت، وابن جريج: هو مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم، الذي فيه اليوم قبره. وقال ابن عباس، وابن زيد، وعروة بن الزبير، وأبو زيد: هو مسجد قُباء. وقاله ابن جبير، وقتادة. وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم، أنه قال: " هو مسجدي هذا ". وقوله: { فِيهِ رِجَالٌ }. " الهاء " لمسجد النبي صلى الله عليه وسلم وقال الشعبي: هي لمسجد قُباء. وكذلك قال شَهْرَ بْنُ حَوْشَب. فعلى هذا يجوز أن يكون الضميران مختلفين، وأن يكونا متفقين. وقوله: { فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَن يَتَطَهَّرُواْ }. مدحوا، لأنهم كانوا يستنجون بالماء من الغائط والبول، لا خلاف في هذا التفسير بين أهل التفسير. قال قتادة: " لما نزلت هذه الآية، قال النبي صلى الله عليه وسلم، لأهل قُباء: إنّ الله قد أحسن عليكم الثناء في الطهور، فما تصنعون؟ قالوا: إنا نغسل عنّا أَثر الغائط والبول ". قوله: { أَحَقُّ أَن تَقُومَ فِيهِ } وقف، إن جعلت الضمير مخالفاً للضمير الأول: فإن جعلته مثله وقفت على: { يَتَطَهَّرُواْ }.