{ ما نَنْسَخْ من آية أو نُنْسِها } أَيْ: ما نرفع آيةً من جهة النَّسخ بأن نُبطل حكمها، أو بالإِنساءِ لها بأنْ نمحوها عن القلوب { نأت بخير منها } أَيْ: أصلح لمن تُعبِّد بها، وأنفع لهم وأسهل عليهم، وأكثر لأجرهم { أو مثلها } في المنفعة والمثوبة { ألم تعلم أنَّ الله على كلِّ شيءٍ } من النِّسخِ والتَّبديل وغيرهما { قدير }: نزلت هذه الآية حين قال المشركون: إنَّ محمداً يأمر أصحابه بأمرٍ، ثمَّ ينهاهم عنه، ويأمرهم بخلافه، ويقول اليوم قولاً ويرجع عنه غداً. ما هذا القرآن إلاَّ كلام محمد، فأنزل الله تعالى هذه الآية، وقولَهُ:{ وإذا بدَّلنا آية مكان آيةٍ... } الآية. { ألم تعلم أنَّ الله له ملك السموات والأرض } يعمل فيهما ما يشاء، وهو أعلم بوجه الصَّلاح فيما يتعبَّدهم به من ناسخٍ ومنسوخٍ { ومالكم من دون الله من ولي } أَيْ: والٍ يلي أمركم ويقوم به { ولا نصير } ينصركم، وفي هذا تحذيرٌ من عذابه إذ لا مانع منه. { أم تريدون } أَيْ: بل أتريدون { أن تسألوا رسولكم } محمداً صلى الله عليه وسلم { كما سئل موسى من قبل } وذلك أنَّ قريشاً قالوا: يا محمَّدُ، اجعل لنا الصَّفا ذهباً، ووسِّعْ لنا أرض مكَّة، فَنُهوا أن يقترحوا عليه الآيات كما اقترح قوم موسى عليه السَّلام حين قالوا:{ أرنا الله جهرة } وذلك أنَّ السُّؤال بعد قيام البراهين كفرٌ، ولذلك قال: { ومن يتبدل الكفر بالإِيمان فقد ضلَّ سواء السبيل } قصده ووسطه.