الرئيسية - التفاسير


* تفسير معالم التنزيل/ البغوي (ت 516 هـ) مصنف و مدقق


{ فَإِذَا قُضِيَتِ ٱلصَّلاَةُ فَٱنتَشِرُواْ فِي ٱلأَرْضِ وَٱبْتَغُواْ مِن فَضْلِ ٱللَّهِ وَٱذْكُرُواْ ٱللَّهَ كَثِيراً لَّعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ } * { وَإِذَا رَأَوْاْ تِجَارَةً أَوْ لَهْواً ٱنفَضُّوۤاْ إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَآئِماً قُلْ مَا عِندَ ٱللَّهِ خَيْرٌ مِّنَ ٱللَّهْوِ وَمِنَ ٱلتِّجَارَةِ وَٱللَّهُ خَيْرُ ٱلرَّازِقِينَ }

قوله عزّ وجلّ: { فَإِذَا قُضِيَتِ ٱلصَّلَوٰةُ فَٱنتَشِرُواْ فِي ٱلأَرْضِ } ، أي إذا فرغ من الصلاة فانتشروا في الأرض للتجارة والتصرف في حوائجكم، { وَٱبْتَغُواْ مِن فَضْلِ ٱللَّهِ } ، يعني الرزق وهذا أمر إباحة، كقوله:وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَٱصْطَـٰدُواْ } [المائدة: 2]، قال ابن عباس: إن شئت فاخرج وإن شئت فاقعد وإن شئت فصلِّ إلى العصر، وقيل: فانتشروا في الأرض ليس لطلب الدنيا ولكن لعيادة مريض وحضور جنازة وزيارة أخ في الله. وقال الحسن وسعيد بن جبير ومكحول: { وَٱبْتَغُواْ مِن فَضْلِ ٱللَّهِ } هو طلب العلم. { وَٱذْكُرُواْ ٱللَّهَ كَثِيراً لَّعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ }. قوله عزّ وجلّ: { وَإِذَا رَأَوْا تِجَـٰرَةً أَوْ لَهْواً ٱنفَضُّوۤاْ إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَآئِماً } الآية أخبرنا عبد الواحد المليحي أخبرنا أحمد بن عبد الله النعيمي أخبرنا محمد بن يوسف حدثنا محمد بن إسماعيل حدثنا حفص بن عمر حدثنا خالد بن عبد الله أخبرنا حصين عن سالم بن أبي الجعد وعن أبي سفيان عن جابر بن عبد الله قال: أقبلت عير يوم الجمعة ونحن مع النبي صلى الله عليه وسلم، فثار الناس إلا اثني عشر رجلاً فأنزل الله: { وَإِذَا رَأَوْاْ تِجَـٰرَةً أَوْ لَهْواً ٱنفَضُّوۤاْ إِلَيْهَا }. ويحتج بهذا الحديث من يرى إقامة الجمعة باثني عشر رجلاً. وليس فيه بيان أنه أقام بهم الجمعة حتى يكون حجة، لاشتراط هذا العدد. وقال ابن عباس في رواية الكلبي: لم يبق في المسجد إلا ثمانية رهط. وقال الحسن وأبو مالك: أصاب أهل المدينة جوع وغلاء سعر فقدم دحية بن خليفة بتجارة زيت من الشام والنبي صلى الله عليه وسلم يخطب يوم الجمعة، فلما رأوه قامو إليه بالبقيع خشوا أن يسبقوا إليه، فلم يبق مع النبي صلى الله عليه وسلم إلا رهط منهم أبو بكر وعمر فنزلت هذه الآية، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " والذي نفس محمد بيده لو تتابعتم حتى لا يبقى منكم أحد لسال بكم الوادي ناراً ". و قال مقاتل: بينا رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب يوم الجمعة إذ قدم دحية بن خليفة الكلبي من الشام بالتجارة، وكان إذا قدم لم تبق بالمدينة عاتق إلا أتته، وكان يقدم إذا قدم بكل ما يحتاج إليه من دقيق وبُرّ وغيره، فينزل عند أحجار الزيت وهو مكان في سوق المدينة ثم يضرب بالطبل ليؤذن الناس بقدومه فيخرج إليه الناس ليبتاعوا منه، فقدم ذات جمعة وكان ذلك قبل أن يسلم " ورسول الله صلى الله عليه وسلم قائم على المنبر يخطب، فخرج إليه الناس فلم يبق في المسجد إلا اثنا عشرة رجلاً وامرأة، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: " كم بقي في المسجد "؟ فقالوا: اثني عشر رجلاً وامرأة، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: " لولا هؤلاء لسومت لهم الحجارة من السماء "

السابقالتالي
2 3