الرئيسية - التفاسير


* تفسير الكشف والبيان / الثعلبي (ت 427 هـ) مصنف و مدقق


{ فَإِذَا قُضِيَتِ ٱلصَّلاَةُ فَٱنتَشِرُواْ فِي ٱلأَرْضِ وَٱبْتَغُواْ مِن فَضْلِ ٱللَّهِ وَٱذْكُرُواْ ٱللَّهَ كَثِيراً لَّعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ } * { وَإِذَا رَأَوْاْ تِجَارَةً أَوْ لَهْواً ٱنفَضُّوۤاْ إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَآئِماً قُلْ مَا عِندَ ٱللَّهِ خَيْرٌ مِّنَ ٱللَّهْوِ وَمِنَ ٱلتِّجَارَةِ وَٱللَّهُ خَيْرُ ٱلرَّازِقِينَ }

{ فَإِذَا قُضِيَتِ ٱلصَّلاَةُ } أي فرغ منها.

{ فَٱنتَشِرُواْ فِي ٱلأَرْضِ } للتجارة والتصرف في حوائجكم.

{ وَٱبْتَغُواْ مِن فَضْلِ ٱللَّهِ } أي الرزق وهما أمر إباحة وتخيير كقوله سبحانهوَإِذَا حَلَلْتُمْ فَٱصْطَادُواْ } [المائدة: 2].

وقد أخبر عقيل أنّ أبا الفرح أخبرهم عن أبي جعفر الطبري قال: حدّثني العبّاس بن أبي طالب قال حدّثنا علي بن المعافي بن يعقوب الموصلي قال: حدّثنا أَبُو علي الضايع عن أبي خلف عن أنس قال: قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم في قول الله سبحانه { فَإِذَا قُضِيَتِ ٱلصَّلاَةُ فَٱنتَشِرُواْ فِي ٱلأَرْضِ وَٱبْتَغُواْ مِن فَضْلِ ٱللَّهِ } قال: ليس بطلب دنيا ولكن عيادة مريض، وحضور جنازة، وزيارة أخ في اللّه.

قال الحسن وسعيد بن جبير ومكحول { وَٱبْتَغُواْ مِن فَضْلِ ٱللَّهِ } هو طلب العلم.

وقال جعفر بن محمّد الصّادق { فَٱنتَشِرُواْ فِي ٱلأَرْضِ وَٱبْتَغُواْ مِن فَضْلِ ٱللَّهِ } هو يوم السبت.

{ وَإِذَا رَأَوْاْ تِجَارَةً أَوْ لَهْواً } الآية أخبرنا عبد اللّه بن حامد قال: أخبرنا محمّد بن جعفر قال حدّثنا علي بن حرب قال حدّثنا إبن فضيل قال حدّثنا حُصَين عن سالم بن الجعد عن جابر ابن عبد اللّه قال: أقبلت عيرٌ ونحن نصلّي مع النبّي (عليه السلام) الجمعة فانفضّ الناس إليها فما بقي غير إثني عشر رجلا أنا فيهم فنزلت { وَإِذَا رَأَوْاْ تِجَارَةً أَوْ لَهْواً } الآية.

وقال الحسن وأَبُو مالك: أصاب أهل المدينة جوع وغلاء سعر، فقدم دُحية بن خليفة بتجارة زيت من الشام والنبي صلى الله عليه وسلم يخطب يوم الجمعة، فلمّا رأوهُ قاموا إليه بالبقيع، خشوا أن يسبقوا إليه فلم يبق مع النبي صلى الله عليه وسلم إلاّ رهط منهم أَبُو بكر وعمر، فنزلت هذه الآية فقال رسول اللّه (عليه السلام): " والّذي نفس محمّد بيده لو تتابعتم حتّى لا يبقى أحدٌ منكم لسال بكم الوادي ناراً ".

قال المقاتلان: " بينا رسول اللّه (عليه السلام) يخطب يوم الجمعة إذ قدم دُحية بن خليفة بن فروة الكلبي ثم أحد بني الخزرج ثم أحد بني زيد بن مناة بن عامر من الشام بتجارة، وكان إذا قدم لم يبق بالمدينة عاتق إلاّ أتاه وكان يقدّم إذا قدم كل ما يحتاج إليه من دقيق أو بُرّ أو غيره، فينزل عند أحجار الزيت، وهو مكان في سوق المدينة، ثم يضرب بالطبل ليؤذن الناس بقدومه فيخرج إليه الناس، فقدم ذات جمعة وكان ذلك قبل أن يُسلم، ورسول اللّه (عليه السلام) قائماً على المنبر يخطب، فخرج النّاس فلم يبقَ في المسجد إلاّ إثنا عشر رجلا وامرأة فقال النبي (عليه السلام): لولا هؤلاء لسوّمت عليهم الحجارة من السماء " وأنزل اللّه سبحانه هذه الآية، وقال ابن عباس في رواية الكلبي لم يبق في المسجد إلاّ ثمانية رهط، وقال إبن كيسان: رجوا إلاّ أحد عشر رجلا وامرأة.

السابقالتالي
2