الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِذَا رَأَوْاْ تِجَارَةً أَوْ لَهْواً ٱنفَضُّوۤاْ إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَآئِماً قُلْ مَا عِندَ ٱللَّهِ خَيْرٌ مِّنَ ٱللَّهْوِ وَمِنَ ٱلتِّجَارَةِ وَٱللَّهُ خَيْرُ ٱلرَّازِقِينَ }

{ واذا رأوا } اى علموا { تجارة } هى تجارة دحية بن خليفة الكلبى { او } سمعوا { لهوا } هو مايشغل الانسان عما يعنيه ويهمه يقال ألهى عن كذا اذا اشغله عما هو أهم والمراد هنا صوت الطبل ويقال له اللهو الغليظ وكان دحية اذا قدم ضرب الطبل ليعلم به قال الكاشفى وكاروان جون رسيدى طبل شادى زدندى، كما يرمى اصحاب السفينة فى زماننا البنادق وما يقال له بالتركى، طوب، او كانوا اذا اقبلت العير استقبلوها اى اهلها بالطبول والدفوف والتصفيق وهو المراد باللهو { انفظوا اليها } الفض كسر الشىء وتفريق بين بعضه وبعض كفض ختم الكتاب ومنه استعير انفض القوم اى تفرقوا وانتشروا كما فى تاج المصادر الانفضاض شكسته شدن وبرا كنده شدن، وحد الضمير لان العطف بأولا يثنى معه الضمير وكان المناسب ارجاعه الى احد الشيئين من غير تعيين الى ان تخصيص التجارة برد الكناية اليها لانها المقصودة وللدلالة على ان الانفضاض اليها مع الحاجة اليها والانتفاع بها اذا كان مذموما فما ظنك بالانفضاض الى اللهو وهو مذموم فى نفسه ويجوز أن يكون الترديد للدلالة على ان منهم من انفض لمجرد سماع الطبل ورؤيته فاذا كان الطبل من اللهو وان كان غليظا فما ظنك بالمزمار ونحو وقد يقال الضمير للرؤية المدلول عليها بقوله رأوا وقرىء اليهما على ان او للتقسيم روى ان دحية بن خليفة الكلبى قدم المدينة بتجارة من الشام كان ذلك قبل اسلامه وكان بالمدينة مجاعة وغلاء سعر وكان معه جميع مايحتاج اليه من بر ودقيق وزيت وغيرها والنبى عليه السلام يخطب يوم الجمعة فلما علم اهل المسجد ذلك قاموا اليه خشية أن يسبقوا اليه يعنى تابيشى كيرند از يكديكر بخريدن طعام، فما بقى معه عليه السلام الا ثمانية او احد عشر او اثنا عشر او اربعون فيهم ابو بكر وعمر وعثمان وعلى وطلحة والزبير وسعد بن أبى وقاص وعبدالرحمن بن عوف وابو عبيدة بن الجراح وسعيد بن زيد وبلال وعبد الله بن مسعود وفى رواية عمار بن ياسر بدل عبد الله وذكر مسلم ان جابرا كان فيه وكان منهم ايضا امرأة فقال عليه السلام " والذى نفس محمد بيده لو خرجوا جميعا لاضرم الله عليهم الوادى نارا " وفى المعانى لولا الباقون لنزل عليهم الحجارة { وتركوك } حال كونك { قائما } اى على المنبر روى عن جابر بن عبدالله رضى الله عنه قال كان النبى عليه السلام يخطب يوم الجمعة خطبتين قائما يفصل بينهما بجلوس ومن ثمة كانت السنة فى الخطبة وفيه اشعار بأن الاحسن فى الوعظ على المنبر يوم الجمعة القيام وان جاز القعود لانه والخطبة من واد واحد لاشتماله على الحمد والثناء والتصلية والنصيحة والدعاء قال حضرة الشيخ الشهير بافتاده قدس سره ان الخطبة عبارة عن ذكر الله والموعظة للناس وكان عليه السلام مستمرا فى ذكر الله تعالى ثم لما أراد التنزل لارشاد الناس بالموعظة جلس جلسة خفيفة غايته ان ماذكره الفقهاء من معنى الاستراحة لازم لما ذكرنا وكان عليه السلام يكتفى فى الاوائل بخطبة واحدة من غير أن يجلس اما لانه لعظم قدره كان يجمع بين الوصال والفرقة او لان افعاله كانت على وفق الوحى ومقتضى امر الله فيجوز أن لايكون مأمورا بالجلسة فى الأوآئل ثم صار على قياس النسخ وايضا وجه عدم جلوسه عليه السلام فى الخطبة فى بعض الاوقات هو انه عليه السلام كان يرشد اهل الملكوت كما يرشد اهل الملك فمتى كان ارشاده فى الملكوت لا يتنزل ولايجلس ومتى كان فى الملك بأن لم يكن فى مجلس الخطبة من هو من اهل الملكوت يتنزل ويجلس مجلس الملك فان معاشر الانبياء يكلمون الخلق على قدر عقولهم ومراتبهم وكان عليه السلام متى أراد الانتقال من ارشاد اهل الملك الى ارشاد اهل الملكوت يقول

السابقالتالي
2 3 4