الرئيسية - التفاسير


* تفسير التحرير والتنوير/ ابن عاشور (ت 1393 هـ) مصنف و مدقق


{ فَخَرَجَ عَلَىٰ قَوْمِهِ مِنَ ٱلْمِحْرَابِ فَأَوْحَىٰ إِلَيْهِمْ أَن سَبِّحُواْ بُكْرَةً وَعَشِيّاً }

الظاهر أن المعنى أنه خرج على قومه ليصلي على عادته، فكان في محرابه في صلاة خاصة ودعاء خفي، ثم خرج لصلاة الجماعة إذ هو الحبر الأعظم لهم.وضمن خرج معنى طلع فعدي بـ على كقوله تعالىفخرج على قومه في زينته } القصص79.والمحراب بيت أو محتجر يُخصص للعبادة الخاصة. قال الحريري فمحرَابيَ أحْرَى بي.والوحي الإشارة بالعين أو بغيرها، والإيماء لإفادة معنى شأنُه أن يفاد بالكلام.و أن تفسيرية. وجملة { سبّحوا بكرة وعشِيّاً } تفسير لـ { أَوْحى } ، لأن أوحى فيه معنى القول دون حروفه.وإنما أمرهم بالتسبيح لئلا يحسبوا أن زكرياء لما لم يكلمهم قد نذر صمتاً فيقتدوا به فيصمتوا، وكان الصمت من صنوف العبادة في الأمم السالفة، كما سيأتي في قوله تعالىفقولي إني نذرت للرحمن صوماً فلن أكلم اليوم إنسياً } مريم 26. فأومأ إليهم أن يشرعوا فيما اعتادوه من التسبيح أو أراد أن يسبحوا الله تسبيح شكر على أن وهب نبيئهم ابناً يرث علمه، ولعلهم كانوا علموا ترقبه استجابه دعوته، أو أنه أمرهم بذلك أمراً مبهماً يفسره عندما تزول حبْسة لسانه.