الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لاَ يَسْخَرْ قَوْمٌ مِّن قَوْمٍ عَسَىٰ أَن يَكُونُواْ خَيْراً مِّنْهُمْ وَلاَ نِسَآءٌ مِّن نِّسَآءٍ عَسَىٰ أَن يَكُنَّ خَيْراً مِّنْهُنَّ وَلاَ تَلْمِزُوۤاْ أَنفُسَكُمْ وَلاَ تَنَابَزُواْ بِٱلأَلْقَابِ بِئْسَ ٱلاسْمُ ٱلْفُسُوقُ بَعْدَ ٱلإَيمَانِ وَمَن لَّمْ يَتُبْ فَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلظَّالِمُونَ }

{ يا أيها الَّذين آمنُوا لا يسْخَرْ قَومٌ } منكم { مِن قومٍ } منكم آخرين، والسخر الاحتقار لعيب حقيق، أو مدعى وليس بعيب فى حضرة المسخور منه، أو غيبته أريد الاضحاك، أو لم يرد بفعل أو اشارة، أو كناية أو ايماء، أو ضحك، مثل أن تعيب أحدا بقصره أورقته أو نحو ذلك، مما ليس فعلا للمسخور منه، أو ما هو فعل منه، سخر قوم من بنى تميم، من بلال وسلمان، وعمار وخباب، وصهيب مولى أبى حذيفة، وابن نهبرة وسالم، لرثة حالهم رضى الله عنهم، فنزلت والقوم الذكور بدليل مقابلته بالنساء بعد، ومع ذلك فحكم الذكور شامل للاناث، ومع ذلك ذكرت النساء بعد أيضا لتأكيد النهى وتعميمه، قال:
أقوم آل حصن أم نساء   
وأصله مصدر قام، قال بعض العرب، اذا أكلت طعاما أجبت نوما، وأبغضت قوما، اى قياما، وسموا لأنهم يقومون بالأمور العظام دنيا ودينا، ويقومون على النساء، وأما نحو قوم نوح فدخلن فيه بالتبع، وقيل: نزلت الآية فى شأن بنت أبى لهب، أسلمت فكان يقال لها: هذه بنت حمالة الحطب، وفى شأن عكرمة بن أبى جهل أسلم، وكان يمشى فى المدينة فقال له قوم: هذا ابن فرعون هذه الأمة، وشكت وشكا الى رسول الله صلى الله عليه وسلم فنزلت:

{ عَسَى أنْ يكونوا } أى القوم المسخور منهم { خيراً } عند الله عز جل { منْهُم } من القوم الساخرين، روى أحمد ومسلم، عن أبى هريرة، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: " رُبّ أشعث أغبر ذي طمرين لا يؤبه به، لو أقسم على الله لأبره " أو عسى أن يكون المسخور منهم اعزاء بعد والساخرون أذلاء، فينتقمون منهم أولا ينتقمون قال:
لا تهين الفقير علك أن   تركع يوما والدهر قد رفعه
والأول أولى لتبادره من أن أحكام القرآن مبينة على مثال الآخرة { ولا نساءٌ } منكم { مِنْ نِساءٍ } أخر منكم { عَسَى أنْ يكُنَّ } أى النَّساء المسخور منهن { خيراً مِنْهنَّ } من النساء الساخرات عند الله، أو يصرن فى الدنيا خيرا منكم فى الدنيا على حد ما مر، روى أن عائشة وحفصة رأتا أم سلمة ربطت حقويها بثوب ابيض، وسدلت طرفه خلفها، فقالت عائشة لحفصة، كأن يسدلها لسان كلب، فنزلت الآية وتابت.

وروى أن عائشة كانت تسخر من زينب بنت خزيمة الهلالية، وكانت قصيرة، فنزلت الآية، وتابت، عن أنس نزلت فى نساء النبى صلى الله عليه وسلم اذ عيرن أم سليم بالقصر، وفى الترمذى، عن أنس، أن النبى صلى الله عليه وسلم دخل على صفية، وهى تبكى فقال: " " ما يبكيك؟ " قالت إنّ حفصة قالت لي: بنت يهودي، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: " إنك لابنة نبي وإنَّ عمك لنبي وإنك تحت نبي ففيم تفتخر عليك، ثم قال: اتقي الله يا حفصة "

السابقالتالي
2 3