الرئيسية - التفاسير


* تفسير جامع البيان في تفسير القرآن/ الطبري (ت 310 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلِتَصْغَىۤ إِلَيْهِ أَفْئِدَةُ ٱلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِٱلآخِرَةِ وَلِيَرْضَوْهُ وَلِيَقْتَرِفُواْ مَا هُم مُّقْتَرِفُونَ }

يقول تعالى ذكرهوكَذَلِكَ جَعَلْنا لِكُلّ نَبِيّ عَدُوًّا شَياطِينَ الإنْسِ والجِنّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إلى بَعْضٍ زُخْرُفَ القَوْلِ غُرُوراً } { وَلِتَصْغَى إلَيْهِ } يقول جلّ ثناؤه: يوحي بعض هؤلاء الشياطين إلى بعض المزيَّن من القول بالباطل، ليغرّوا به المؤمنين من أتباع الأنبياء، فيفتنوهم عن دينهم { وَلِتَصْغَى إلَيْهِ أفْئِدَةُ الَّذِين لا يُؤْمِنُونَ بالآخِرَةِ } يقول: ولتميل إليه قلوب الذين لا يؤمنون بالآخرة. وهو من صغوتَ تَصْغَى وتَصْغُو، والتنزيل جاء بتَصْغَى صَغْواً وصُغُوًّا، وبعض العرب يقول صَغَيْت بالياء حُكي عن بعض بني أسد: صَغَيْتُ إلى حديثه، فأنا أصْغَى صُغِيًّا بالياء، وذلك إذا ملت، يقال: صَغْوي معك: إذا كان هواك معه وميلك، مثل قولهم: ضِلَعي معك، ويقال: أصغيت الإناء: إذا أملته ليجتمع ما فيه ومنه قول الشاعر:
تَرَى السَّفِيهَ بِهِ عَنْ كُلّ مُحْكَمَةٍ   زَيْغٌ وَفِيهِ إلى التَّشْبِيهِ إصْغاءُ
ويقال للقمر إذا مال للغيوب: صَغَا وأصْغَى. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك: حدثني المثنى، قال: ثنا عبد الله بن صالح، قال: ثني معاوية، عن عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عباس: { وَلِتَصْغَى إلَيْهِ أفْئِدَةُ } يقول: تزيغ إليه أفئدة. حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، قال: قال ابن عباس، في قوله: { وَلِتَصْغَى إلَيْه أفْئِدَةُ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بالآخِرَةِ } قال: لتميل. حدثني محمد بن الحسين، قال: ثنا أحمد بن المفضل، قال: ثنا أسباط، عن السديّ: { وَلِتَصْغَى إلَيْهِ أفْئِدَةُ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بالآخِرَةِ } يقول: تميل إليه قلوب الكفار ويحبونه ويرضون به. حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله: { وَلِتَصْغَى إلَيْهِ أفْئِدَةُ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بالآخِرَةِ } قال: ولتصغى: وليهووا ذلك وليرضوه، قال: يقول الرجل للمرأة: صَغَيْتُ إليها: هوِيتها. القول في تأويل قوله تعالى: { وَلَيَقْتَرِفُوا ما هُمْ مُقْتَرفُونَ }. يقول تعالى ذكره: وليكتسبوا من الأعمال ما هم مكتسبون. حُكي عن العرب سماعاً منها: خرج يقترف لأهله، بمعنى يكسب لهم، ومنه قيل: قارف فلان هذا الأمر: إذا واقعه وعمله. وكان بعضهم يقول: هو التهمة والادّعاء، يقال للرجل: أنت قرفتني: أي اتهمتني، ويقال: بئسما اقترفت لنفسك. وقال رؤبة:
أعْيا اقْتِرَافُ الكَذِبِ المَقْرُوفِ   تَقْوَى التَّقِيِّ وَعِفَّةَ العَفِيفِ
وبنحو الذي قلنا في تأويل قوله: { وَلِيَقْتَرِفُوا } قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك: حدثني المثنى، قال: ثنا عبد الله بن صالح، قال: ثني معاوية، عن عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عباس: { وَلِيَقْتَرِفُوا ما هُمْ مُقْتَرِفُونَ } وليكتسبوا ما هم مكتسبون. حدثنا محمد بن الحسين، قال: ثنا أحمد بن المفضل، قال: ثنا أسباط، عن السديّ: { وَلِيَقْتَرِفُوا ما هُمْ مُقْتَرِفُونَ } قال: ليعملوا ما هم عاملون. حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله: { وَلِيَقْتَرِفُوا ما هُمْ مُقْتَرِفُونَ } قال: ليعملوا ما هم عاملون.