الرئيسية - التفاسير


* تفسير الدر المنثور في التفسير بالمأثور/ السيوطي (ت 911 هـ) مصنف و مدقق


{ مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَٱلَّذِينَ آمَنُوۤاْ أَن يَسْتَغْفِرُواْ لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوۤاْ أُوْلِي قُرْبَىٰ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ ٱلْجَحِيمِ } * { وَمَا كَانَ ٱسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لأَبِيهِ إِلاَّ عَن مَّوْعِدَةٍ وَعَدَهَآ إِيَّاهُ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لأَوَّاهٌ حَلِيمٌ }

أخرج ابن أبي شيبة وأحمد والبخاري ومسلم والنسائي وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ وابن مردويه والبيهقي في الدلائل عن سعيد بن المسيب عن أبيه قال: " لما حضرت أبا طالب الوفاة دخل عليه النبي صلى الله عليه وسلم وعنده أبو جهل، وعبد الله بن أبي أمية، فقال النبي صلى الله عليه وسلم " أي عم، قل لا إله إلا الله أحاج لك بها عند الله. فقال أبو جهل وعبدالله بن أبي أمية: يا أبا طالب أترغب عن ملة عبد المطلب؟ وجعل النبي صلى الله عليه وسلم يعرضها عليه وأبو جهل وعبدالله يعاونانه بتلك المقالة. فقال أبو طالب آخر ما كلمهم: هو على ملة عبد المطلب، وأبى أن يقول لا إله إلا الله فقال النبي صلى الله عليه وسلم: لأستغفرن لك ما لم أنه عنك. فنزلت { ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين } الآية. وأنزل الله في أبي طالب فقال لرسول الله صلى الله عليه وسلم { إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء } [القصص: 56] ".

وأخرج الطيالسي وابن أبي شيبة وأحمد والترمذي والنسائي وأبو يعلى وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ والحاكم وصححه وابن مردويه والبيهقي في شعب الإِيمان والضياء في المختارة عن علي قال: سمعت رجلاً يستغفر لأبويه وهما مشركان فقلت: تستغفر لأبويك وهما مشركان؟ فقال: أو لم يستغفر إبراهيم لأبيه؟ فذكرت ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم، فنزلت { ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين } الآية.

وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قال: كانوا يستغفرون لهم حتى نزلت هذه الآية، فلما نزلت امسكوا عن الاستغفار لأمواتهم ولم ينهوا أن يستغفروا للأحياء حتى يموتوا، ثم أنزل الله تعالى { وما كان استغفار إبراهيم لأبيه } الآية. يعني استغفر له ما كان حياً، فلما مات أمسك عن الاستغفار.

وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن محمد بن كعب قال: لما مرض أبو طالب أتاه النبي صلى الله عليه وسلم فقال المسلمون: هذا محمد صلى الله عليه وسلم يستغفر لعمه وقد استغفر إبراهيم لأبيه فاستغفروا لقراباتهم من المشركين. فأنزل الله { ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين } ثم أنزل الله تعالى { وما كان استغفار إبراهيم لأبيه إلا عن موعدة وعدها إياه } قال: كان يرجوه في حياته { فلما تبين له أنه عدوّ لله تبرأ منه }.

وأخرج ابن جرير من طريق شبل عن عمرو بن دينار " أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: استغفر إبراهيم لأبيه وهو مشرك، فلا أزال استغفر لأبي طالب حتى ينهاني عنه ربي. وقال أصحابه: لنستغفرن لآبائنا كما استغفر النبي صلى الله عليه وسلم لعمه، فأنزل الله { ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين } إلى قوله { نبرأ منه } ".


السابقالتالي
2 3 4 5 6 7