الرئيسية - التفاسير


* تفسير الكشاف/ الزمخشري (ت 538 هـ) مصنف و مدقق


{ لاَّ خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِّن نَّجْوَاهُمْ إِلاَّ مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاَحٍ بَيْنَ ٱلنَّاسِ وَمَن يَفْعَلْ ذٰلِكَ ٱبْتِغَآءَ مَرْضَاتِ ٱللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً }

{ لاَّ خَيْرَ فِى كَثِيرٍ مّن نَّجْوَاهُمْ } من تناجي الناس { إِلاَّ مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ } إلا نجوى من أمر، على أنه مجرور بدل من كثير، كما تقول لا خير في قيامهم إلا قيام زيد. ويجوز أن يكون منصوباً على الانقطاع، بمعنى ولكن من أمر بصدقة، ففي نجواه الخير. وقيل المعروف القرض. وقيل إغاثة الملهوف. وقيل هو عامّ في كل جميل. ويجوز أن يراد بالصدقة الواجب وبالمعروف ما يتصدق به على سبيل التطوّع. وعن النبي صلى الله عليه وسلم 316 " كلام ابن آدم كله عليه لا له، إلا ما كان من أمر بمعروف أو نهى عن منكر أو ذكر الله " وسمع سفيان رجلاً يقول ما أشد هذا الحديث. فقال ألم تسمع الله يقول { لاَّ خَيْرَ فِى كَثِيرٍ مّن نَّجْوَاهُمْ } فهو هذا بعينه أو ما سمعته يقولوَٱلْعَصْرِ إِنَّ ٱلإنسَـٰنَ لَفِى خُسْرٍ } العصر1- 2 فهذا هو بعينه. وشرط في استيجاب الأجر العظيم أن ينوي فاعل الخير عبادة الله والتقرّب به إليه، وأن يبتغي به وجهه خالصاً. لأن الأعمال بالنيات. فإن قلت كيف قال { إِلاَّ مَنْ أَمَرَ } ثم قال { وَمَن يَفْعَلْ ذٰلِكَ }؟ قلت قد ذكر الأمر بالخير ليدل به على فاعله، لأنه إذا دخل الآمر به في زمرة الخيرين كان الفاعل فيهم أدخل. ثم قال { وَمَن يَفْعَلْ ذٰلِكَ } فذكر الفاعل وقرن به الوعد بالأجر العظيم، ويجوز أن يراد ومن يأمر بذلك، فعبر عن الأمر بالفعل كما يعبر به عن سائر الأفعال، وقرىء «يؤتيه»، بالياء.