الرئيسية - التفاسير


* تفسير عرائس البيان في حقائق القرآن/ البقلي (ت 606 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَإِذْ قَالَ ٱللَّهُ يٰعِيسَى ٱبْنَ مَرْيَمَ أَأَنتَ قُلتَ لِلنَّاسِ ٱتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَـٰهَيْنِ مِن دُونِ ٱللَّهِ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِيۤ أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِن كُنتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلاَ أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنتَ عَلاَّمُ ٱلْغُيُوبِ }

قوله تعالى { وَإِذْ قَالَ ٱللَّهُ يٰعِيسَى ٱبْنَ مَرْيَمَ أَأَنتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ ٱتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَـٰهَيْنِ مِن دُونِ ٱللَّهِ } غير الله سبحانه المنتسبين اليه الشرك بقولهمإِنَّ ٱللَّهَ ثَالِثُ ثَلاَثَةٍ } فأظهر الله تنزيه عيسى مما زعموا وتصديق ذلك قوله تعالى { قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِيۤ أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ } وايضا الف الله سبحانه ان يخاطب الكفرة بما كذبوا وزاغوا عن التوحيد والحق وخاطب مع صفيه وروحه اعلاما للكافرين بتغييرهم لان السلطان اذا اراد ان يخاطب مع قوم خاطب مع كبير من كبرائهم واراد بذلك قومه وفيه ان الله سبحانه اراد ان يجر روحه عليه السلام الى مقام سطوات العظمة وخطاب الكبرياء ليفيه به عنه حتى لا يبقى للحدث فى القدم اثر لولا فضل الله عليه لا يكون بعده ابدا من عزة الخطاب وعظمة القول قال عبد العزيز المكى لولا اثبات الله اياه لذاب على مكانه وصار ماء بين حياء الله وخجلته ولو خير عيسى بين النار وبين هذا العتاب لخير النار ولو احرق بنار الابد كان احب اليه من ان ينسب الربوبية اليه وفرق ابن عطاء بين السؤالين بين سؤال الانبياء حين قالوالاَ عِلْمَ لَنَآ } وسؤاله عن عيسى { أَأَنتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ ٱتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ } وقال سئل عن قصته وحاله ولم يسعه السكوت عنه وسئل الانبياء عن احوال الامم فدهشوا وذلك ان سؤال الرسل اظهار العظمة وسؤال عيسى براءته وتنزيهه عما قيل فيه وقد سنح لى قول آخر وهو ان الانبياء حين سئلوا كانوا فى مقام الهيبة ومشاهدة العظمة لذلك بهتوا وتحيروا وسكتوا وعيسى هناك ايضا معهم بقولهيَوْمَ يَجْمَعُ ٱللَّهُ ٱلرُّسُلَ } وهو من الرسل فلما افرده الحق للخطاب كان فى مقام البسط والانبساط ومشاهدة الجمال لذلك تكلم واجاب ولم يسكت قوله تعالى { تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلاَ أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ } اى تعلم ما فى نفسى من توحيدك ومعرفتك وتنزيهك وتقديسك وتعظيمك وإجلالك الذى ينفى الأضداد والاشباه والانداد وما لا يليق بجلالك مما تخاطبني بقولك { أَأَنتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ ٱتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَـٰهَيْنِ مِن دُونِ ٱللَّهِ } ولا اعلم فى نفسك من علوم الغيب وغيب الغيب ومكر القدم وما يعلم ما فى نفسك بأنك لو تريد ان تخرق جميع الانبياء والصديقين لا ينال بها وايضا لا أعلم ما فى نفسك من كنه القدم ووجود الازل قال الواسطى يعلم ما فى نفسى لك وأعلم ما فى نفسك لي وقال الحسين تعلم ما فى نفسى لانك اوجدتها ولا اعلم ما فى نفسك لبعد الذات عن الدرك قال الجنيد يعلم ما انالك عليه وما لك عندى ولا اعلم ما لي عندك الا ما أطلعتنى عليه او اخبرتنى به وقال سهل تعلم ما فى نفسي مما اودعته نفسى مما لا تظهره عليّ ولا اعلم ما فى غيبك لى قال على بن موسى الرضا عن ابيه عن جعفر عليهم السلام قال يعلم كيفيتى ولا أعلم كيفينك ولا كيفيته لك.