قوله: { وَقَالُوا اتَّخَذَ اللهُ وَلَداً سُبْحَانَهُ } ينزِّه نفسه عمَّا يقولون. ثم قال: { بَل لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ كُلٌّ لَّهُ قَانِتُونَ }. أي مُقِرّون بالعبودية. وقال بعضهم: يعني اليهود والنصارى ومشركي العرب، كلٌّ لَهُ قَانِتُونَ، أي: كل له قائم بالشهادة بأنهُ عبدٌ له. وإنما خصّ المفسّر، وهو الحسن، اليهود والنصارى ومشركي العرب لأنهم هم الذين كانوا بحضرة النبي عليه السلام يومئذ. وقال في آية أخرى:{ وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللهُ } [الزخرف:87] وقال الكلبي: { كُلٌّ لَهُ قَانِتُونَ } أي: مطيعون في الآخرة، أي فلا يقبل ذلك منهم إذا لم يكونوا آمنوا في الدنيا. قوله: { بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ } أي: أنه ابتدعها من غير مثال. { وَإِذَا قَضَى أَمْراً فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ } قبل أن يكون { كُن فَيَكُونُ }. قوله: { وَقَالَ الَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ } وهم مشركو العرب { لَوْلاَ يُكَلِّمُنَا اللهُ أَوْ تَأْتِينَا ءَايَةٌ } هو كقوله:{ فَلْيَأْتِنَا بِآيَةٍ كَمَا أُرْسِلَ الأَوَّلُونَ } [الأنبياء:5] وكقوله:{ أَوْ تَأْتِيَ بِاللهِ وَالمَلاَئِكَةِ قَبِيلاً } [الإِسراء:92] وكقوله:{ لَوْلاَ أُنزِلَ عَلَيْنَا المَلاَئِكَةُ أَوْ نَرَى رَبَّنَا } [الفرقان:21]. قال الله: { كَذَلِكَ قَالَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِم مِّثْلَ قَوْلِهِمْ } أي مثل قوم موسى إذ قالوا:{ أَرِنَا اللهَ جَهْرَةً } [النساء:153] وما سألوه من الآيات. قال الله: { تَشَابَهَتْ قُلُوبُهُمْ } أي على الكفر، وهو كقوله:{ يُضَاهِؤُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن قَبْلُ } [التوبة:30]، وكقوله:{ أَتَوَاصَوْا بِهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ طَاغُونَ } [الذاريات:53]. قوله تعالى: { إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ } يعني محمداً عليه السلام { بِالْحَقِّ بَشِيراً } أي بشيراً بالجنة لمن أطاعك { وَنَذِيراً } أي من النار لمن عصاك. { وَلاَ تُسْأَلُ عَنْ أَصْحَابِ الجَحِيمِ } أي: لا تُسأل عنهم إذا أقمت عليهم الحجّة. وهي تقرأ على وجه آخر: (ولا تَسْأَلْ عَنْ أَصْحَابِ الجَحِيمِ). فمن قرأها بالنصب قال: النبي عليه السلام كان سأل عن أُمَّة فأنزل الله: { وَلاَ تَسْألْ عَنْ أَصْحَابِ الجَحِيمِ }.