الرئيسية - التفاسير


* تفسير هميان الزاد إلى دار المعاد / اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ وَمَا لَكُمْ أَلاَّ تَأْكُلُواْ مِمَّا ذُكِرَ ٱسْمُ ٱللَّهِ عَلَيْهِ وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَّا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلاَّ مَا ٱضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ وَإِنَّ كَثِيراً لَّيُضِلُّونَ بِأَهْوَائِهِم بِغَيْرِ عِلْمٍ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِٱلْمُعْتَدِينَ }

{ ومَا لكُم ألاَّ تأكلُوا ممَّا ذُكر اسْم اللهِ عليهِ } فإن المتحرجين عما ذبح باسم الله هم المشركون لا المؤمنون، أى أى شئ لكم من النفع أو الديانة الصحيحة فى أن لا تأكلوا مما ذكر اسم الله عليه، بأن ذبح مثلا، وذكر اسم الله، اللهم إلا أن يقال المعنى وما لكم أيها المؤمنون ألا تقصروا أكلكم على ما ذكر اسم الله عليه، ولا تخلطوا معه أكل ما لم يذكر اسم الله عليه، فإن مثل هذا قد يقال لمن لا يخلط معه، لكن أؤكد عليه بترك الخلط أو عرض بغيرهم كقولهوما لى لا أعبد الذى فطرنى } وما مبتدأ استفهامية إنكارية وأن لا تأكلوا على تقدير الجار كما رأيت، وهذا أولى مما قيل إن زائدة للتأكيد ناصبة، والجملة بعدها حال من الكاف، ولا يقدر الجار، ويدل لهذا الوجه الذى هو أن المعنى ما لكم أيها المؤمنون ألا تقصروا أكلكم على ما ذكر اسم الله عليه قوله { وقَد فصَّل لكُم ما حرَّم عَليْكم } أى كيف لا تقصرون الأكل على ما ذكر عليه اسم الله، وتتركون ما حرم عليكم، وقد بينه الله لكم فلا عذر فى ترك الاقتصار، وأما على أن الخطاب فى ذلك كله للمشركين، فالمعنى كيف تتحرجون مما ذكر اسم الله عليه، وهو غير محرم، والمحرم هو ما فصَّل الله لكم تحريمه بقولهحرمت عليكم الميتة } الخ فى المائدة، أو قوله فى الأنعامقل لا أجد فيما أوحى إلىَّ محرماً } الخ نفى أن يقال كيف قال، وقد فصل، وهو عند قراءة الآية التى هنا لم يفصل، بل سيفصل بعد فى هذه السورة بقوله { قل لا أجد } الخ أو سيفصل بعد الهجرة فى المائدة إذ هى مدنية من آخر ما نزل، فيجاب والله أعلم بأن المعنى قد فصل لكم فى اللوح المحفوظ، أو فى الغيب عنده، أو فيما سينزل من القرآن ما حرم عليكم فى ذلك أيضا، فلا يحل لكم أن تحرموا من عندكم شيئا أحلوا ما أحل الله، وانتظروا ما ينزل الله من الأحكام مطلقا، فمهما وجدتم فيها فاعملوا به. أو يجاب بأن المعنى قد فصَّل لكم فى آخر هذه السورة ما حرم عليكم، فالسورة مضت وتمت عند الله ولو قبل نزولها، فصحت صيغة الماضى، وهذان الجوابان أحسن ما استخرجته بفكرى والماضى فيهما على أصله، وظهر لى وجه ثالث هو أن فصَّل بمعنى يفصل، أى وقد يفصل بعد عليكم، فالماضى بمعنى المضارع، وهذا وجه ثالث لى. ووجه رابع أن الآية يحتمل أنها نزلت بعد نزول المائدة، وجعلت فى الأنعام بأمر الله، وأما ما فى تفسير من تقدم قبلى، فقال الفخر المراد التفصيل لما حرم بقوله { لا أجد } لقلة هذا التأخير، وهو مقدار تلاوة ما بين الآيتين، وتلاوة الأخيرة وإتمام السورة ومضيتها قبل نزول جبريل بها، وهذا والحمد لله بعض الأوجه التى ذكرت، لكن باعتبار قوله وإتمام الخ، وقد حكيت كلامه بالمعنى.

السابقالتالي
2