الرئيسية - التفاسير


* تفسير حاشية الصاوي / تفسير الجلالين (ت1241هـ) مصنف و لم يتم تدقيقه بعد


{ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ ٱجْتَنِبُواْ كَثِيراً مِّنَ ٱلظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ ٱلظَّنِّ إِثْمٌ وَلاَ تَجَسَّسُواْ وَلاَ يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضاً أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ إِنَّ ٱللَّهَ تَوَّابٌ رَّحِيمٌ }

قوله: { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ ٱجْتَنِبُواْ كَثِيراً مِّنَ ٱلظَّنِّ } قيل: نزلت في رجلين اغتابا رفيقهما، " وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا غزا أو سافر، ضم الرجل المحتاج إلى رجلين موسرين، يخدمهما ويتقدمهما إلى المنزل، فهي لهما ما يصلحهما من الطعام والشراب، فضم سلمان إلى رجلين في بعض أسفاره، فتقدم سلمان إلى المنزل، فغلبته عيناه فنام، ولم يهيء لهما شيئاً، فلما قدما قالا له: ما صنعت شيئاً؟ قال: لا، غلبتني عيناي، قالا له: انطلق إلى رسول الله فاطلب لنا منه طعاماً، فجاء سلمان إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فسأله طعاماً، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: انطلق إلى أسامة بم زيد وقل له: إن كان عنده فضل طعام وإدام فليعطك، وكان أسامة خازن طعام رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى رحله، فأتاه فقال: ما عندي شيء، فرجع سلمان إليهما فأخبرهما فقالا: كان عند أسامة ولكن بخل، فبعثا سلمان إلى طائفة من الصحابة، فلم يجد عندهم شيئاً، فلما رجع قالوا: لو بعثناك إلى بر سمحة لغار ماؤها، ثم انطلقا يتجسسان، هل عند أسامة ما أمر لهما به رسول الله، فلما جاءا إلى رسول الله قال لهما: ما لي أرى خضرة اللحم في أفواهكما؟ قال: والله يا رسول الله، ما تناولنا يومنا هذا لحماً، قال: ظلمتما بأكل لحم سلمان وأسامة، " فنزلت الآية، والمعنى: أن الله تعالى نهى المؤمن أن يظن بأخيه المؤمن شراً، كأن يسمع من أخيه المسلم كلاماً لا يريد به سوءاً، أو يدخل مدخلاً لا يريد به سوءاً، فيراه أخوه المسلم فيظن به سوءاً، لأن بعض الفعل قد يكون في الصورة قبيحاً، وفي نفس الأمر لا يكون كذلك، لجواز أن يكون فاعله ساهياً، ويكون الرائي مخطئاً، فأما أهل السوء والفسق المتجاهرين بذلك، فلنا أن نظن فيهم مثل الذي يظهر منهم.

قوله: { كَثِيراً مِّنَ ٱلظَّنِّ } أبهم الكثير إشارة إلى أنه ينبغي الاحتياط والتأمل في كل ظن، خوف أن يقع في منهي عنه، قال سفيان الثوري: الظن ظنان: أحدها إثم، هو أن يظن ويتكلم به، والآخرة ليس بإثم، وهو أن يظن ولا يتكلم به. قوله: (وهو) أي بعض الظن كثير، وقوله: (وهم) أي أهل الخير. قوله: (بخلافه بالفساق منهم) أي المؤمنين، وقوله: (في نحو ما يظهر منهم) أي نحو المعاصي التي تظهر منهم، بأن يتجاهروا بها.

قوله: { وَلاَ تَجَسَّسُواْ } العامة على قراءة بالجيم، وقرئ شذوذاً بالحاء، واختلف فقيل معناهما واحد، وقيل التجسس بالجيم البحث عما يكتم عنك، والتحسس بالحاء طلب الأخبار والبحث عنها، والمعنى: خذوا ما ظهر، ولا تتبعوا عورات المسلمين، فإن من تتبع عوراتهم، تبع الله عورته حتى يفضحه ولو في جوف بيته.

السابقالتالي
2