ثم دلـَّهم على قُدرته على البعث بقوله: { أفلم ينظُروا إلى السماء فوقَهم كيف بنيناها } بغير عمد { وزيَّنَّاها } بالكواكب { وما لها من فُروج } أي: من صُدوع وشُقوق. والزَّوج: الجنس. والبهيج: الحَسَن، قاله أبو عبيدة، وقال ابن قتيبة: البهيج: الذي يُبْتَهَج به. قوله تعالى: { تَبْصِرَةً وذكرى لكل عبد منيب } قال الزجاج: أي: فَعَلنا ذلك لِنُبَصِّر ونَدُلَّ على القُدرة. والمُنيب: الذي يَرْجِع إلى الله ويفكـِّر في قُدرته. قوله تعالى: { ونزَّلنْا من السماء ماء } وهو المطر { مُبارَكاً } أي: كثير الخير، فيه حياة كل شيء { فأنْبَتْنا به جَنَّاتٍ } وهي البساتين { وحَبَّ الحَصِيدِ } أراد: الحَبَّ الحَصيدَ، فأضافه إلى نَفْسه، كقوله:{ لَهُوَ حَقُّ اليَقِينِ } [الواقعة: 95] وقوله:{ مِنْ حَبْلِ الوَريدِ } [ق: 16] فالحَبْلُ هو الوَريد، وكما يقال: صلاةُ الأُولى، يراد: الصلاةُ الأُولى، ويقال: مسجدُ الجامع، يراد: المسجدُ الجامعُ، وإنما تضاف هذه الأشياء إلى أنفسها لاختلاف لفظ اسمها، وهذا قول الفراء، وابن قتيبة. وقال غيرهما: أراد حَبَّ النّبتِ الحَصيدِ { والنَّخْلَ } أي: وأنْبَتْنا النخل { باسقاتٍ } و«بُسوقها» طُولها. قال ابن قتيبة: يقال: بَسقَ الشيءُ يَبْسُقُ بُسوقاً: إذا طال، والنَّضيد: المنضود بعضُه فوق بعض، وذلك قبل أن يتفتَّح، فاذا انشقَّ جُفُّ طلْعه وتفرَّق فليس بنضيدٍ. قوله تعالى: { زِرْقاً للعِبادِ } أي: أنْبَتْنا هذه الأشياء للرِّزق { وأَحْيَيْنا به } أي: بالمطر { بَلْدَةً مَيْتاً كذلك الخروجُ } من القُبور. ثم ذكر الأُمم المكذِّبة بما بعد هذا. وقد سبق بيانه إلى قوله: { فحَقَّ وَعيدِ } أي: وجب عليهم عذابي. { أفعَيِينا بالخَلْقِ الأَوَّلِ } هذا جواب لقولهم: ذلك رَجْعٌ بَعيدٌ. والمعنى: أعَجَزْنا عن ابتداء الخَلْق، وهو الخَلْق الأَوَّل، فنعيا بالبعث وهو الخلق الثاني؟! وهذا تقرير لهم، لأنهم اعترفوا أنه الخالق، وأنكروا البعث { بل هم في لَبْسٍ } أي: في شَكٍّ { مِنْ خَلْقٍ جديدٍ } وهو البعث.