الرئيسية - التفاسير


* تفسير الدر المصون/السمين الحلبي (ت 756 هـ) مصنف و مدقق


{ يَوْمَ تَرَى ٱلْمُؤْمِنِينَ وَٱلْمُؤْمِنَاتِ يَسْعَىٰ نُورُهُم بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِم بُشْرَاكُمُ ٱلْيَوْمَ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ذَلِكَ هُوَ ٱلْفَوْزُ ٱلْعَظِيمُ }

قوله: { يَوْمَ تَرَى }: فيه أوجهٌ، أحدها: أنه معمولٌ للاستقرار العاملِ في " لهم أجرٌ " ، أي: استقرَّ لهم أجرٌ في ذلك اليوم. الثاني: أنه مضمرٌ، أي: اذكرْ فيكون مفعولاً به. الثالث: أنه يُؤْجَرون يومَ ترى فهو ظرفٌ على أصلِه. الرابع: أنَّ العاملَ فيه " يَسْعى " ، أي: يَسْعى نورُ المؤمنين والمؤمناتِ يومَ تراهم، هذا أصلُه. الخامس: أنَّ العاملَ فيه " فيضاعفَه " قالهما أبو البقاء.

قوله: { يَسْعَىٰ } حالٌ، لأنَّ الرؤيةَ بَصَرِيَّة، وهذا إذا لم يَجْعَلْه عامِلاً في " يوم " و " بين أيديهم " ظرفٌ للسَّعْي، ويجوزُ أَنْ يكونَ حالاً مِنْ " نورُهم ".

قوله: { وَبِأَيْمَانِهِم } ، أي: وفي جهةِ أيمانهم. وهذه قراءةُ العامَّةِ أعني بفتح الهمزةِ جمع يَمين. وقيل: الباءُ بمعنى " عن " ، أي: عن جميعِ جهاتِهم، وإنما خَصَّ الأَيمانَ لأنها أشرفُ الجهاتِ. وقرأ أبو حيوة وسهلُ بن شعيب بكسرِها. وهذا المصدرُ معطوفٌ على الظرفِ قبلَه.

والباءُ سببيةٌ، أي: يسعى كائناً وكائناً بسبب إيمانهم. وقال أبو البقاء تقديرُه: وبإيمانِهم استحقُّوه، أو بإيمانهم يُقال لهم: بُشْراكم.

قوله: { بُشْرَاكُمُ } مبتدأٌ، و " اليومَ " ظرفٌ. و " جناتٌ " خبرهُ على حذفِ مضافٍ، أي: دخولُ جناتٍ. وهذه الجملةُ في محلِّ نصبٍ بقولٍ مقدر، وهو العاملُ في الظرفِ كما تقدَّم. وقال مكي: " وأجاز الفراءُ نصبَ " جنات " على الحال ويكون " اليومَ " خبرَ " بُشْراكم " قال: وكونُ " جنات " حالاً لا معنى له؛ إذ ليس فيها معنى فِعْل. وأجاز أَنْ يكونَ " بُشْراكم " في موضع نصبٍ على: يُبَشِّرونهم بالبُشرى، وتُنْصَبُ " جنات " بالبُشْرى. وكلُّه بعيدٌ لأنه لا يُفْصَلُ بين الصلةِ والموصولِ باليوم " انتهى. وعجيبٌ من الفراء كيف يَصْدُرُ عنه ما لا يُتَعَقَّل، ولا يجوزُ صناعةً، كيف تكون " جنات " حالاً وماذا صاحبُ الحال؟.