الرئيسية - التفاسير


* تفسير محاسن التأويل / محمد جمال الدين القاسمي (ت 1332هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ ٱللَّهُ ٱلَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَٰوَٰتٍ وَمِنَ ٱلأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ ٱلأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِّتَعْلَمُوۤاْ أَنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ ٱللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْماً }

{ ٱللَّهُ ٱلَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَٰوَٰتٍ وَمِنَ ٱلأَرْضِ مِثْلَهُنَّ } أي: المعبود المستحق للعبادة، من هذا خلقه. لا ما يشرك معه. وههنا.

لطائف

الأول: قال الزمخشري: قيل ما في القرآن آية تدل على أن الأرضين سبع إلا هذه. انتهى.

قال بعض علماء الفلك: أما كون الأرضين سبعاً كالسماوات، فهو أمر نجهله ولا نفهمه إلا إذا أريد به أن للأرض سبع طبقات. قال: والحق يقال أن كون الأرضين سبعاً، هو كما يظهر لنا وهم من أوهام القدماء؛ ولذلك لم يريد في القرآن الشريف لفظ الأرض مجموعا - أي: أرضين ولم يرد فيه مطلقاً أن الأرضين سبع، مع أنه ذكر أن السماوات سبع، مراراً عديدة وفي كل مرة يذكر معها الأرض بالإفراد. نعم! ورد فيه قوله تعالى:

{ ٱللَّهُ ٱلَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَٰوَٰتٍ وَمِنَ ٱلأَرْضِ مِثْلَهُنَّ } وهي الآية الوحيدة التي فهموا منها أن الأرضين سبع. وهي كما لا يخفى لا تفيد ذلك مطلقاً.

قال: ولنا في تفسيرها وجهان:

إما أن تكون { وَمِنَ } في قوله تعالى: { وَمِنَ ٱلأَرْضِ } زائدة، وإما أن تكون غير زائدة.

أما على الوجه الأول: فتقدير الآية هكذا: الله الذي خلق سبع سماوات والأرض خلقها مثلهن. وعلى تفسيرنا هذا تكون هذه الآية دالة على أن الأرض خلقت كباقي الكواكب السيارة من كل وجه. أي: أنها إحدى السيارات، وهو أمر ما كان معروفاً في زمن النبي صلى الله عليه وسلم، وما كان يخطر ببال أحد من العرب، وذلك من دلائل صدق القرآن. والأرض مثل السيارات الأخرى في المادة، وكيفية خلقها وكونها تسير حول الشمس، وتستمد النور والحرارة منها، وكونها مسكونة بحيوانات كالكواكب الأخرى، وكونها كروية الشكل. فالسيارات أو السماوات هي متماثلة من جميع الوجوه، وكلها مخلوقة من مادة واحدة، وهي مادة الشمس، وعلى طريقة واحدة. قال الله تعالى:أَوَلَمْ يَرَ ٱلَّذِينَ كَفَرُوۤاْ أَنَّ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ كَانَتَا رَتْقاً } [الأنبياء: 30]. أي: شيئاً واحداً { فَفَتَقْنَاهُمَا } أي: فصلنا بعضهما عن بعض، فالأرض خلقها الله تعالى مثل السماوات تماماً.

وأما على الوجه الثاني: وهو أن { مِنَ } غير زائدة، فتقدير الآية هكذا: الله الذي خلق سبع سماوات وخلق من الأرض أرضاً مثلهن، فالآية واردة على طريقة التجريد، كقولك: اتخذت لي سبعة أصدقاء، ولي من فلان صديق مثلهم. أي: مثلهم في الصداقة. أو التقدير: وبعض الأرض مثلهن في مادتها وعناصرها. وعليه، فليس في القرآن الشريف أدنى دليل على أن الأرضين سبع كما يزعمون. انتهى.

الثانية: ذكر ابن الأثير في (المثل السائر) في النوع السادس، في اختلاف صيغ الألفاظ واتفاقها وتفاوتها في الحسن فيه، ما مثاله: وفي صدد ذلك ما ورد استعماله من الألفاظ مفرداً، ولم يرد مجموعاً كلفظة الأرض، فإنها لم ترد في القرآن إلا مفردة.

السابقالتالي
2