الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ ٱجْتَنِبُواْ كَثِيراً مِّنَ ٱلظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ ٱلظَّنِّ إِثْمٌ وَلاَ تَجَسَّسُواْ وَلاَ يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضاً أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ إِنَّ ٱللَّهَ تَوَّابٌ رَّحِيمٌ }

{ يا أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيرا من الظن } اى كونوا على جانب منه وابعدوا عنه فان الاجتناب بالفارسية بايك سوشدن. والظن اسم لما يحصل من امارة ومتى قويت ادت الى العلم ومتى ضعفت جدا لم تتجاوز حد التوهم وابهام الكثير لايجاب الاحتياط والتأمل فى كل ظن ظن حتى يعلم انه من اى قبيل وتوضيح المقام ان كثيرا لما بين بقوله من الظن كان عبارة عن الظن فكان المأمور باجتنابه بعض الظن الا انه علق الاجتناب بقوله كثيرا لبيان انه كثير فى نفسه ولا بد لنا من الفرق بين تعريف الظن الكثير وتنكيره فلو عرف وقيل اجتنبوا الظن الكثير يكون التعريف للاشارة الى ما يعرفه المخاطب بأنه ظن كثير غير قليل ولو نكر يكون تنكيره للافراد والبعضية ويكون المأمور باجتنابه بعض افراد الظن الموصوف بالكثرة من غير تعيينه اى بعض هو وفى التكليف على هذا الوجه فائدة جليلة وهى ان يحتاط المكلف ولا يجترئ على ظن ما حتى يتبين عنده انه مما يصح اتباعه ولا يجب الاجتناب عنه ولو عرف لكان المعنى اجتنبوا حقيقة الظن الموصوف بالكثرة او جميع افراده لا ما قل منه وتحريم الظن المعرف تعريف الجنس والاستغراق لا يؤدى الى احتياط المكلف لكون المحرم معينا فيجتنب عنه ولا يجتنب عن غيره وهو الظن القليل سوآء كان ظن سوء وظن صدق ومن المعلوم ان هذا المعنى غير مراد بخلاف ما لو نكر الظن الموصوف بالكثرة فان المحرم حينئذ اتباع الفرد المبهم من افراد تلك الحقيقة وتحريمه يؤدى الى احتياط المكلف الى ان يتبين عنده ان ما يخطر بباله من الظن من اى نوع من انواع الظن فان من الظن ما يجب اتباعه كحسن الظن بالله تعالى وفى الحديث " ان حسن الظن من الايمان " والظن فيما لا قاطع فيه من العمليات كالوتر فانه لما ثبت بخبر الواحد لم يكن مقطوعا به فقلنا بالوجوب فلا يكفر جاحده بل يكون ضالا ومبتدعا لرده خبر الواحد ويقتص لكونه فرضا عمليا وفى الاشباه ويكفر بانكار اصل الوتر والاضحية انتهى. ومن الظن ما يحرم كالظن فى الالهيات اى بوجود الاله وذاته وصفاته وما يليق به من الكمال وفى النبوات فمن قال آمنت بجميع الانبياء ولا اعلم ءآدم نبى ام لا يكفر وكذا من آمن بأن نبينا عليه السلام رسول ولم يؤمن بأنه خاتم الرسل لا نسخ لدينه الى يوم القيامة لا يكون مؤمنا وكالظن حيث يخالفه قاطع مثل الظن بنبوة الحسنين او غيرهما من خلفاء هذه الامة واوليائها مع وجود قوله تعالىوخاتم النبيين } وقوله عليه السلام " لا نبى بعدى "

السابقالتالي
2 3 4 5 6 7 8