الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا نَاجَيْتُمُ ٱلرَّسُولَ فَقَدِّمُواْ بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً ذَلِكَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَأَطْهَرُ فَإِن لَّمْ تَجِدُواْ فَإِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ }

{ ياأيها الذين آمنوا } بالايمان الخالص { اذا ناجيتم الرسول } المناجاة باكسى راز كفتن، اى اذا كلمتموه سرا فى بعض شؤونكم المهمة الداعية الى مناجاته عليه السلام ومكالمته سرا بالفارسية جون خواهيدكه راز كوييد بارسول وفى بعض التفاسير اذا كالمتموه سرا استفسار لحال مايرى لكم من الرؤيا ففيه ارشاد للمقتدين الى عرضها على المقتدى بهم ليعبروها لهم ومن ذلك عظم اعتبار الواقعات وتعبيرها بين ارباب السلوك حتى قيل ان على المريد أن يعرض واقعته على شيخه سوآء عبر الشيخ او لم يعبر فان الله تعالى قالان الله يأمركم أن تؤدوا الامانات الى اهلها } وهى من جملة الامانة عند المريد لابد ان يؤديها الى الشيخ لما فيها من فائدة جليلة له وقوة لسلوكه وفى التعبير أثر قوى على ماقال عليه السلام " الرؤيا على مااولت " { فقدموا بين يدى نجواكم صدقة } اى فتصدقوا قبلها على المستحق كقول عمر رضى الله عنه افضل ما اوتيت العرب الشعر يقدمه الرجل امام حاجته فيستمطر به الكريم ويستنزل به اللئيم يريد قبل حاجته فهو مستعار ممن له يدان على سبيل التخييل فقوله نجواكم استعارة بالكناية وبين يدى تخييلية وفى بعض التفاسير اذا أردتم عرض رؤياكم عليه ليعبرها لكم فتصدقوا قبل ذلك بشىء ليكون ذلك قوة لكم ونفعا فى اموركم والآية نزلت حين اكثر الناس عليه السؤال حتى اسأموه واملوه فأمرهم الله بتقديم الصدقة عند المناجاة فكف كثير من الناس اما الفقير فلعسرته واما الغنى فلشحه وفى هذا الامر تعظيم الرسول ونفع الفقرآء والزجر عن الافراط فى السؤال والتمييز بين المخلص والمنافق ومحب الآخرة ومحب الدنيا واختلف فى انه للندب او للوجوب لكنه نسخ بقوله تعالىءاشفقتم } الآية وهو وان كان متصلا به تلاوة لكنه متراخ عنه نزولا على ماهو شأن الناسخ واختلف فى مقدار تأخر الناسخ عن المنسوخ فقيل كان ساعة من النهار والظاهر انه عشر ايام لما روى عن على رضى الله عنه انه قال ان فى كتاب الله لآية ماعمل بها احد قبلى ولا يعمل بها احد بعدى كان لى دينار فصرفته وفى رواية فاشتريت به عشرة دراهم فكنت اذا ناجيته عليه السلام تصدقت بدرهم يعنى كنت اقدم بين يدى نجواى كل يوم درهما الى عشرة ايام و اسأله خصلة من الخصال الحسنة كا قال الكلبى تصدق به فى عشر كلمات سألهن رسول الله عليه السلام وهو على القول بالوجوب محمول على انه لم يتفق للاغنياء مناجاة فى مدته وهى عشرة ايام فى بعض الروايات اما لعدم المحوج اليها والاشفاق وعلى التقديرين لايلزم مخالفة الامر وان كان للاشفاق وفى بعض التفاسير ولا يظن ظان ان عدم عمل غيره من الصحابة رضى الله عنهم بهذا لعدم الاقدام على التصدق كلا كيف ومن المشهور صدقة أبى بكر وعثمان رضى الله عنهما بألوف من الدراهم والدنانير مرة واحدة فهلا يقدم هذا شأنه على تصدق دينار او دينارين وكذا غيرهما فلعله لم يقع حال اقتضت النجوى حينئذ وهذا لاينافى الجلوس فى مجلسه المبارك والتكلم معه لمصلحة دينية او دنيوية بدون النجوى اذا المناجاة تكلم خاص وعدم الخاص لايقتضى عدم العام كما لايخفى

السابقالتالي
2