الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَيُدْخِلْكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَارُ وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ ذَلِكَ ٱلْفَوْزُ ٱلْعَظِيمُ }

{ يغفر لكم ذنوبكم } فى الدنيا وهو جواب الامر المدلول عليه بفلظ الخبر ويجوز أن يكون جوابا لشرط او لاستفهام دل عليه الكلام تقديره أن تؤمنوا وتجاهدوا او هل تقبلون وتفعلون مادللتكم عليه يغفر لكم وجعله جوابا لهل أدلكم بعيد لان مجرد الدلالة لايوجب المغفرة { ويدخلكم } فى الآخرة { جنات } اى كل واحد منكم جنة ولابعد من لطفه تعالى أن يدخله جنات بأن يجعلها خاصة له داخلة تحت تصرفه والجنة فى اللغة البستان الذى فيه اشجار متكاثفة مظلة تستر ماتحتها { تجرى من تحتها } أى من تحت اشجارها بمعنى تحت اغصان اشجارها فى اصولها على عروقها او من تحت قصورها وغرفها { الانهار } من اللبن والعسل والخمر والماء الصافى { ومساكن طيبة } اى ويدخلكم مساكن طيبة ومنازل نزهته كائنة { فى جنات عدن } اى اقامة الخلود بحيث لايخرج منها من دخلها بعارض من العوارض وهذا الظرف صفة مختصة بمساكن وهى جميع مسكن بمعنى المقام والسكون ثبوت الشىء بعد تحرك ويستعمل فى الاستيطان يقال سكن فلان فى مكان كذا استوطنه واسم المكان مسكن فمن الاول يقال سكنت ومن الثانى يقال سكنته قال الراغب اصل الطيب مايستلذه الحواس وقوله ومساكن طيبة فى جنات عدن اى طاهرة زكية مستلذة وقال بعضهم طيبتها سعتها ودوام امرها وسئل رسول الله عليه السلام عن هذه المساكن الطيبة فقال " قصر من لؤلؤ فى الجنة فى ذلك القصر سبعون دارا من ياقوته حمراء فى كل دار سبعون بيتا من زمردة خضراء فى كل بيت سبعون وصيفا ووصيفة قال فيعطى الله المؤمن من القوة فى غداة واحدة مايأتى على ذلك كله " قال فى الكبير أراد بالجنات البساتين التى يتناولها الناظر لانه تعالى قال بعده { ومساكن طيبة فى جنات عدن } والمعطوف يجب أن يكون مغايرا للمعطوف عليه فتكون مساكنهم فى جنات عدن ومناظرهم الجنات التى هى البساتين ويكون فائدة وصفها بأنها عدن انها تجرى مجرى الدار التى يسكنها الانسان واما الجنات الأخر فهى جارية مجرى البساتين التى قد يذهب الانسان اليها لاجل التنزه وملاقاة الاحباب وفى بعض التفاسير تسمية دار الثواب كلها بالجنات التى هى بمعنى البساتين لاشتمالها على جنات كثيرة مترتبة على مراتب بحسب استحاقاقات العالمين من الناقصين والكاملين ولذلك أتى بجنات جمعا منكرا ثم اختلفوا فى عدد الجنات المشتملة على جنات متعددة فالمروى عن ابن عباس رضى الله عنهما انها سبع جنة الفردوس وجنة عدن وجنة النعيم ودار الخلد وجنة المأوى ودار السلام وعليون فى كل واحدة منها مراتب ودرجات متفاوتة على تفاوت الاعمال والعمال وروى عنه انها ثمان دار الجلال ودار القرار ودار السلام وجنة عدن وجنة المأوى وجنة الخلد وجنة الفردوس وجنة النعيم وقال ابو الليث الجنان اربع كما قال تعالى

السابقالتالي
2 3