الرئيسية - التفاسير


* تفسير عرائس البيان في حقائق القرآن/ البقلي (ت 606 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَمَرْيَمَ ٱبْنَتَ عِمْرَانَ ٱلَّتِيۤ أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِن رُّوحِنَا وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ وَكَانَتْ مِنَ ٱلْقَانِتِينَ }

قوله تعالى { فَنَفَخْنَا فِيهِ مِن رُّوحِنَا } ظهر فيه نور الفعل ثم ظهر فى نور الفعل نور الصفة وظهر فى نور الصفة نور الذات وكان بنور الذات والصفات حيا موصوفا بصفاته ناظراً الى مشاهدة ذاته لم ينقطع عنه انوار الذات والصفات والفعل ابدا وهذا خاصية لمن له اثر من روحه قال بعضهم نفخ من نوره فى روح عبده ليحيى بذلك الروح ويحيى به ويطلب النور ولا يغفل عن طلب المنور فيعيش فى الدنيا حميدا ويبعث فى الأخرة شهيدا فلما وجدت رَوْح رُوح الله صدقت بظهوره فى العالم وشبيه قلوب العالمين بانه يكون مرآة الحق للخلق وذلك قوله { وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا } ولما باشر انوار القدس وروح الانس كادت نفسها ان تميل إلى السكر فى العنائية فسبق لها العناية وانفاها فى درجة العبودية حتى لا يسقط بالسكر عن مقام الصحو الا ترى كيف قال { وَكُتُبِهِ وَكَانَتْ مِنَ ٱلْقَانِتِينَ } اى من المستقيمين فى معرفتها بربها ومعرفتها بقيمة نفسها انها مسخرة عاجزة لربها.