الرئيسية - التفاسير


* تفسير هميان الزاد إلى دار المعاد / اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ يَوْمَ تَرَى ٱلْمُؤْمِنِينَ وَٱلْمُؤْمِنَاتِ يَسْعَىٰ نُورُهُم بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِم بُشْرَاكُمُ ٱلْيَوْمَ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ذَلِكَ هُوَ ٱلْفَوْزُ ٱلْعَظِيمُ }

{ يَوْمَ } متعلق باستقرار له أو بيُضاعف أو مفعول لاذكر محذوفا تعظيما لذلك اليوم { تَرَى } بعينيك يا محمد { المُؤْمِنِينَ وَالمُؤْمِنَاتِ يَسْعَى نُورُهُم بَيْنَ أَيْدِيهِمْ } أي أمامهم. { وَبِأَيْمَانِهِم } أي في ايمانهم والسعداء يؤتون صحائف أعمالهم من يمينهم ومن أمامهم والاشقياء من شمالهم وورائهم فيجعل النور في ايمان السعداء وامامهم شعاراً لهم وآية ساعيا اماما ويمينا معهم إلى الجنة ويكون أيضاً من فوق وتحت وخلف وشمال ولكن خص الامام واليمين لما مر من كونهما موضعي أعطاء الصحف لهم ولكونهما افضل جهة أو عبر بالامام واليمين عن جميع الجهات. وفي الحديث " من المؤمنين من يضيء نوره من المدينة إلى عدن وصنعاء ودون ذلك حتى إن منهم من لا يضيء نوره إلا موضع قدميه " وعن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه يؤتون نورهم على قدر أعمالهم فمنهم من يؤتى نوره كالنخلة الطويلة ومنهم من يؤتى نوره كالرجل القائم وأدناهم نورا من نوره على أبهامه فيطفأ مرة ويوقد اخرى وقيل المعنى ويعطون كتبهم بايمانهم ويطفأ نور المنافق، قال قتادة ما من عبد إلا وينادى يوم القيامة يا فلان هذا نورك ويا فلان لانور لك وهذا النور هو بقدر نور البصيرة وعن بعضهم أن هذا النور يجعل في شيء يحمله المؤمن وكونه غير حامل أولى. واحكام تلك الدار ليست كأحكام هذه وتقول لهم الملائكة الذي يتلقونهم { بُشْرَاكُمُ اليَوْمَ جَنَّاتٌ } مبتدأ وخبر واليوم متعلق ببشرى وقدر، بعضهم مضافا أي دخول جنات أو بشرى اسم مصدر مضاف لما هو مفعول عامله أي نبشركم بشرى وجنات خبر لمحذوف أي المثوبة جنات وروى القرطبي من المالكية انه صلى الله عليه وسلم قال " يجمع الله الخلائق يوم القيامة فيأذن لامة محمد في السجود فيسجدوا طويلا ثم يقال لهم ارفعوا رؤوسكم فقد جعلنا عدتكم فداء من النار " ، وانه قال " إن هذه الامة امة مرحومة عذابها بأيديها فإذا كان يوم القيامة دفع إلى كل رجل من المسلمين رجل من المشركين فيقال هذا فداؤك من النار " وفي صحيح مسلم دفع الله إلى كل مسلم يهوديا أو نصرانيا فيقول هذا فداؤك من النار، ولم يثبت هذا عند الأصحاب أو يأولون المسلم بالسعيد وأما القوم فالمشرك عندهم فداء للمسلم فلا يدخلها وفداء لمن يدخلها فيخرج ويبقى المشرك بدله. { تَجْرِى مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ذَلِكَ هُوَ الفَوْزُ العَظِيمُ } وقرىء باسقاط هو واشار بذا الى النور والبشرى بالجنات بتأويل المذكور.