الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح المعاني/ الالوسي (ت 1270 هـ) مصنف و مدقق


{ يٰأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ إِذَا جَآءَكَ ٱلْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ عَلَىٰ أَن لاَّ يُشْرِكْنَ بِٱللَّهِ شَيْئاً وَلاَ يَسْرِقْنَ وَلاَ يَزْنِينَ وَلاَ يَقْتُلْنَ أَوْلاَدَهُنَّ وَلاَ يَأْتِينَ بِبُهْتَٰنٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرْجُلِهِنَّ وَلاَ يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ فَبَايِعْهُنَّ وَٱسْتَغْفِرْ لَهُنَّ ٱللَّهَ إِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ }

{ يٰأَيُّهَا ٱلنَّبِىُّ إِذَا جَاءكَ ٱلْمُؤْمِنَـٰتُ يُبَايِعْنَكَ } / أي مبايعات لك أي قاصدات للمبايعة { عَلَىٰ أَن لاَّ يُشْرِكْنَ بِٱللَّهِ شَيْئاً } أي شيئاً من الأشياء أو شيئاً من الإشراك { وَلاَ يَسْرِقْنَ وَلاَ يَزْنِينَ وَلاَ يَقْتُلْنَ أَوْلْـٰدَهُنَّ } أريد به على ما قال غير واحد: وأد البنات بالقرينة الخارجية، وإن كان الأولاد أعم منهن، وجوز إبقاءه على ظاهره فإن العرب كانت تفعل ذلك من أجل الفقر والفاقة. وانظر هل يجوز حمل هذا النهي على ما يعم ذلك وإسقاط الحمل بعد أن ينفخ فيه الروح؟ وقرأ علي كرم الله تعالى وجهه والحسن والسلمي { وَلاَ يَقْتُلْنَ } بالتشديد.

{ وَلاَ يَأْتِينَ بِبُهُتَـٰنٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرْجُلِهِنَّ }. قال الفراء: كانت المرأة في الجاهلية تلتقط المولود فتقول: هذا ولدي منك فذلك البهتان المفترى بين أيديهن وأرجلهن، وذلك أن الولد إذا وضعته الأم سقط بين يديها ورجليها، وفي «الكشاف» ((كنى بالبهتان المفترى بين يديها ورجليها عن الولد الذي تلصقه بزوجها كذباً لأن بطنها الذي تحمله فيه بين اليدين وفرجها الذي تلده به بين الرجلين))، وقيل: كنى بذلك عن الولد الدعي لأن اللواتي كن يظهرن البطون لأزواجهن في بدء الحال إنما فعلن ذلك امتناناً عليهم، وكن يبدين في ثاني الحال عند الطلق حين يضعن الحمل بين أرجلهن أنهن ولدن لهم فنهين عن ذلك الذي هو من شعار الجاهلية المنافي لشعار المسلمات تصويراً لتينك الحالتين وتهجيناً لما كن يفعلنه، وأياً مّا كان فحمل الآية على ما ذكر هو الذي ذهب إليه الأكثرون، وروي ذلك عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما، وقال بعض الأجلة: معناه لا يأتين ببهتان من قبل أنفسهن، واليد والرجل كناية عن الذات لأن معظم الأفعال بهما، ولذا قيل للمعاقب بجناية قولية: هذا ما كسبت يداك، أو معناه لا يأتين ببهتان ينشئنه في ضمائرهن وقلوبهن، والقلب مقره بين الأيدي والأرجل، والكلام على الأول: كناية عن إلقاء البهتان من تلقاء أنفسهن، وعلى الثاني: كناية عن كون البهتان من دخيلة قلوبهن المبنية على الخبث الباطني.

وقال الخطابـي: معناه لا يبهتن الناس كفاحاً ومواجهة كما يقال للأمر بحضرتك: إنه بين يديك، ورد بأنهم وإن كنوا عن الحاضر بما ذكر لكن لا يقال فيه: هو بين رجليك، وهو وارد لو ذكرت الأرجل وحدها أما إذا ذكرت مع الأيدي تبعاً فلا، والكلام قيل: كناية عن خرق جلباب الحياء، والمراد النهي عن القذف، ويدخل فيه الكذب والغيبة، وروي عن الضحاك حمل ذلك على القذف، وقيل: بين أيديهن قبلة أو جسة وأرجلهن الجماع، وقيل: بين أيديهن ألسنتهن بالنميمة، وأرجلهن فروجهن بالجماع، وهو وكذا ما قبله كما ترى.

السابقالتالي
2 3