الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ ٱجْتَنِبُواْ كَثِيراً مِّنَ ٱلظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ ٱلظَّنِّ إِثْمٌ وَلاَ تَجَسَّسُواْ وَلاَ يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضاً أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ إِنَّ ٱللَّهَ تَوَّابٌ رَّحِيمٌ }

{ يا أيُّها الَّذين آمنوا اجْتَنبُوا كَثيراً مِنَ الظنِّ } دعاء الى الاحتياط وتحضيض عليه، واذا اتسع المباح وخيف فيه قليل محرم اجتنب كله لئلا يوقع فى ذلك القليل، ويجوز أن يكون المراد اجتنبوا اجتنابا كثيرا، فتكون من بمعنى عن لتضمن اجتنبوا معنى اعرضوا، قيل: قال: { كثيراً } لأن الظن: واجب، وهو ظن الخير بالله تعالى، ومندوب اليه وهو الظن الحسن بالمسلم، ومحرم، وهو ظن السوء بالله عز وجل، وبالمسلم فى فعله أو قوله أو اعتقاده، والاجتناب الحذر والترك والتباعد، وأصله جعل الشىء جانبا، ولا بأس بملاحظة هذا المعنى، أى لا دخل فيه، بل تتجاوزه ويتجاوزك حتى يتضح لك الأمر، قال صلى الله عليه وسلم: " حرم من الرجل دمه وعرضه وأن يظن به ظن السوء " قالت عائشة رضى الله عنها، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: " مَنْ أساء بأخيه الظن فقد أساء بربه الظن " ان الله تعالى يقول: { اجتنبوا كثيراً من الظن }.

ويجوز الظن بأمارة كما اذا رأيت انسانا يدخل دار الفسق أو بيت الخمر، أو يصحب الغوانى، أو يديم النظر الى المرد، وجاء الخبر: الأمر بسوء الظن فى الناس مطلقا، بمعنى أخذ الحذر منهم، روى الطبرانى وابن عدى، عن أنس عنه صلى الله عليه وسلم: " احترسوا من الناس بسوء الظن " وعنه صلى الله عليه وسلم: " إن من الحزم سوء الظن ".

كتب صحابى الى سعيد بن المسيب: ضع أمر أخيك على أحسنه ما لم يأتك ما يغلبك، ولا تظن بكلمة أخرجت منه سوءاً ما وجدت لها محملا، ومن عرض نفسه للتهم فلا يلومن إلا نفسه، ومن كتم سره كانت الخيرة فى يده، وما كافيت من عصى الله تعالى فيك بمثل أن تطيع الله تعالى فيه، واكتسب اخوان الصدق فانهم زينة فى الرخاء، عدة فى البلاء، ولا تتهاون بالحلف فيهينك الله تعالى، ولا تسأل عما لم يكن حتى يكون، ولا تضع حديثك إلا عند من تشتهيه، وعليك بالصدق وان قتلك، واعتزل عدوك، واحذر صديقك الا الأمين، ولا أمين الا من خشى الله تعالى، وشاور فى أمرك الذين يخشون ربهم بالغيب.

قال حارثة بن النعمان، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: " " ثلاث لازمات أمتي: الطيرة، والحسد، وسوء الظن " فقال رجل: ما يذهبهن يا رسول الله؟ قال: " إذا حسدت فاستغفر الله " " وروى: " فلا تبغ، وإذا ظننت فلا تحقق، وإذا تطيرت فامض " رواه الطبرانى، وروى الحسن مرسلا عنه صلى الله عليه وسلم: " ثلاث لم تسلم منهن هذه الأمة: الحسد والظن والطيرة ألا أنبئكم بالمخرج منها؟ إذا ظننت فلا تحقق، وإذا حسدت فلا تبغ، وإذا تطيرت فامض "

السابقالتالي
2 3 4 5