{ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ } ، يعنى المنافقين عبد الله بن أبى، ومالك بن دخشم الأنصارى وأصحابه، دعاهم اليهود إلى دينهم، منهم: إصبغ ورافع ابنى حرملة، وهما رءوس اليهود، فزينوا لهما ترك الإسلام، حتى أرادوا أن يظهروا الكفر، فأنزل الله عز وجل يحذرهما ولاية اليهود، { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ } { لاَ تَتَّخِذُواْ بِطَانَةً } ، يعنى اليهود، { مِّن دُونِكُمْ } ، يعنى من دون المؤمنين، { لاَ يَأْلُونَكُمْ خَبَالاً } ، يعنى غياً، { وَدُّواْ مَا عَنِتُّمْ } ، يعنى ما أثمتم لدينكم فى دينكم، { قَدْ بَدَتِ ٱلْبَغْضَآءُ } ، يعنى ظهرت البغضاء، { مِنْ أَفْوَاهِهِمْ } ، يعنى قد ظهرت العداوة بألسنتهم، { وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ } ، يعنى ما تسر قلوبهم من الغش، { أَكْبَرُ } مما بدت بألسنتهم، { قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الآيَاتِ } ، يقول: ففى هذا بيان لكم منهم، { إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ } [آية: 118]. ثم قال سبحانه: { هَآأَنْتُمْ } معشر المؤمنين { أُوْلاۤءِ تُحِبُّونَهُمْ } تحبون هؤلاء اليهود فى التقديم لما أظهروا من الإيمان بمحمد صلى الله عليه وسلم وبما جاء به، { وَلاَ يُحِبُّونَكُمْ }؛ لأنهم ليسوا على دينكم، { وَتُؤْمِنُونَ بِٱلْكِتَابِ كُلِّهِ } ، كتاب محمد صلى الله عليه وسلم والكتب كلها التى كانت قبله، { وَإِذَا لَقُوكُمْ قَالُوۤاْ آمَنَّا } ، يعنى صدقنا بمحمد صلى الله عليه وسلم وبما جاء به، وهم كذبة، يعنى اليهود، مثلها فى المائدة:{ وَإِذَا جَآءُوكُمْ قَالُوۤاْ آمَنَّا وَقَدْ دَّخَلُواْ بِٱلْكُفْرِ... } [المائدة: 61] إلى آخر الآية، ثم قال: { وَإِذَا خَلَوْاْ عَضُّواْ عَلَيْكُمُ ٱلأَنَامِلَ } ، يعنى أطراف الأصابع، { مِنَ ٱلْغَيْظِ } الذى فى قلوبهم، ودوا لو وجدوا ريحاً يركبونكم بالعداوة، { قُلْ مُوتُواْ بِغَيْظِكُمْ } ، يعنى اليهود، { إِنَّ ٱللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ ٱلصُّدُورِ } [آية: 119]، يعنى يعلم ما فى قلوبهم من العداوة والغش للمؤمنين. ثم أخبر عن اليهود، فقال سبحانه: { إِن تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ } ، يعنى الفتح والغنيمة يوم بدر، { تَسُؤْهُمْ وَإِن تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ } ، القتل والهزيمة يوم أحُد، { يَفْرَحُواْ بِهَا } ، ثم قال للمؤمنين: { وَإِن تَصْبِرُواْ } على أمر الله، { وَتَتَّقُواْ } معاصيه { لاَ يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئاً } ، يعنى قولهم: { إِنَّ ٱللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ } [آية: 120]، أحاط علمه بأعمالهم.